[الأدلة من القرآن على أن الاشتراك في الاسم المطلق لا يستلزم التماثل والتشبيه]
قال المصنف رحمه الله: [فقد سمى الله نفسه حياً فقال: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}[البقرة:٢٥٥] وسمى بعض عباده حياً فقال: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}[الروم:١٩] وليس هذا الحي مثل هذا الحي؛ لأن قوله:(الحي) اسم لله مختص به، وقوله: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ اسم للحي المخلوق مختص به، وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص، ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج، ولكن العقل يفهم من المطلق قدراً مشتركاً بين المسميين، وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق، والمخلوق عن الخالق].
بدأ المصنف رحمه الله يستشهد بالآيات، وهذا هو الدليل الشرعي القرآني المتواتر الدال على أن الاشتراك في الاسم المطلق ليس هو التشبيه الذي نفته النصوص، ولا يستلزم التماثل في الحقيقة عند الإضافة والتخصيص، إلا إذا فرض أن في القرآن تعارضاً، وهذا فرض ممتنع؛ لأنه كفر بالقرآن.
قال رحمه الله:(فقد سمى الله نفسه حياً فقال: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}[البقرة:٢٥٥] وسمى بعض عباده حياً فقال: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}[الروم:١٩] وليس هذا الحي مثل هذا الحي):
فهنا اشتراك في اسم الحي، فإذا قيل: الحي، فإن هذا اسم مطلق، ولا يقصد به الخالق أو المخلوق؛ لأن الذهن لم يضف هذا الاسم لا إلى الله سبحانه وتعالى، ولا إلى حياة زيد أو عمرو، فإذا قيل: الحي، أو العلم، أو اليد، أو السمع، فهذا اسم في الذهن لا وجود له في الخارج إلا إذا أضيف فقيل: الله لا إله إلا هو الحي، فهنا يكون المقصود بالحي الباري سبحانه وتعالى.
فقوله تعالى:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم}[البقرة:٢٥٥] آية مضافة مخصصة بالله سبحانه وتعالى، والحي في الآية الثانية {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}[الروم:١٩] مضاف ومخصص بالمخلوق، فاشتركا في اسم الحي، ولم يلزم من ذلك أن تكون الحياة كالحياة، فإن حياته سبحانه وتعالى لائقة به، فهو الأول والآخر، والظاهر والباطن، وأما المخلوق فإن حياته مخلوقة مسبوقة بالعدم، ويلحقها زوال وتدرج وتسلسل
إلخ، فينتقل من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة ..
وهكذا.
وقوله:(لأن قوله: (الحي) اسم بالله مختص به، وقوله:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}[الروم:١٩] اسم للحي المخلوق مختص به، وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص، ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج):
أي: ليس للمطلق الحي مسمى موجود في الخارج، إنما له مسمىً كلي في الذهن.