قال المصنف رحمه الله:[لا سيما مع كثرة مَن خاض في ذلك بالحق تارةً وبالباطل تارات، وما يعتري القلوب في ذلك من الشبه التي توقعها في أنواع الضلالات].
لقد خاضت طوائف أهل القبلة في هذين الأصلين، وقد خلط كثير من هؤلاء -بل أكثرهم- خلطوا الحق بالباطل في هذين الأصلين.
والصواب في هذا: هو ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما نطق به القرآن، وما جاءت به السنة؛ فإن هذه الأصول الثلاثة وهي: إجماع الصحابة، وما دل عليه الكتاب والسنة، هي الأصول التي يوزن ويُعْرَف بها الحق؛ فإن الحق لا يُعْرَف بفلان، وهذه من قواعد الإسلام وشريعة الديانة: أن الحق لا يعرف بفلان وفلان من الأئمة، فإن هذه لم تكن من طرق أئمة السنة والجماعة؛ أنهم يعرفون الحق بفلان أو فلان من الآحاد، وإنما الحق يُعْرَف من جهة كلام الله، أو كلام رسوله، أو إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فإذا عُرِف الحق بالكتاب أو بالسنة أو بالإجماع؛ فإن هذا يكون من الحق اللازم من جهة الاتباع.
وأما إذا لم يكن هناك دليل صريح من الكتاب أو السنة، أو إجماع في المسألة، فإن النظر في هذه المسألة التي بهذه الصورة يكون من باب المحتمل، ومن باب الاجتهاد الذي يسع فيه الخلاف.
وأما إذا انضبط الدليل من النص والإجماع، فإن هذا يكون ديناً لازماً لا تجوز مخالفته؛ لقول الله تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء:١١٥].