للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اعتماد الجهمية على نفي التشبيه هو عين التعطيل]

قال المصنف رحمه الله: [ولهذا لما اطلع الأئمة على أن هذا حقيقة قول الجهمية، سموهم معطلة، وكان جهم ينكر أن يسمى الله شيئاً، وربما قال الجهمية: هو شيء لا كالأشياء، فإذا نفى القدر المشترك مطلقاً لزم التعطيل التام].

حينما يقول المصنف: إنه لا يعتمد في النفي على مجرد نفي التشبيه، فإن المقصود: أن مجرد الاعتماد على نفي التشبيه في المناظرات فيه تضييق لتحصيل الحقائق ودفع الشبه؛ بل يعتمد في المناظرات أو التقريرات على نفي التشبيه ونفي النقص والعيب، فإذا ذكر مقترناً معه مفسراً له؛ كان اللفظ هنا منفكاً عن الإشكال والاشتباه.

ولذلك يقول: إن السلف سموا الجهمية معطلة، مع أن الجهمية وأمثالهم يجعلون قولهم نفياً للتشبيه.

وقد يقول قائل: وأيضاً فإن المعتزلة الجهمية وأمثالهم يجعلون قولهم نفياً للنقص، فهل يلزم من ذلك أنه يفصل في مسألة النقص كما فصل المصنف في مسألة التشبيه؟

والجواب: لا يلزم ذلك؛ لأنه مع أن الجهمية يجعلون قولهم نفياً للتشبيه ونفياً للنقص، لكنهم حين يقولون: إن إثبات الصفات من باب النقص، فإن منع ذلك يكون منعاً بدهياً من جهة الأسماء ومن جهة المعاني: أن هذا ليس نقصاً لا في الاسم ولا في المعنى، لكن إذا قالوا: إن الإثبات يكون من باب التشبيه، فإنه قد يشكل على مخالفيهم؛ لأن الاشتراك في الاسم وجه من أوجه التشبيه في الاصطلاح، ولا يوجد في الاصطلاح أن الاشتراك في الاسم وجه من أوجه النقص، فإن هذا ليس اصطلاحاً، ولا حكماً عقلياً مطرداً؛ لا حكماً عقلياً نظرياً اصطلاحياً، ولا حكماً عقلياً بسيطاً مضبوطاً بكليات العقول أو ما إلى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>