للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الثانى: أن يكون حكمها واحدا وسببها واحدا.

مثاله: قال تعالى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ (١) الآية وقال جل شأنه:

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ (٢) الآية.

فلفظ (الدم) الوارد فى الآية الأولى مطلق، ومقتضى هذا الإطلاق أن الدم حرام كله سواء كان مسفوحا (٣) أو غير مسفوح. فى حين أن ورد لفظ (الدم) فى الآية الثانية مقيدا بكونه مسفوحا، ولا شك أن الحكم فى الآيتين واحد هو حرمة تناول الدم، كما أن سبب الحكم فى الآيتين واحد أيضا وهو الضرر الناتج والناشئ عن تناول الدم، وقد اتفق أهل الفقه والعلم على أن الدم حرام نجس، لا يؤكل ولا ينتفع به، وأن الدم الذى يسيل من الحيوان عند تذكيته حرام، وكذلك الدم الذى يسيل من الحيوان الحىّ قليله وكثيره حرام.

ولما كان الحكم واحدا فى الآيتين، وكذا السبب حمل العلماء المطلق على المقيد، ومن ثم يكون المراد من الدم المحرم تناوله هو الدم المسفوح فقط دون غيره. وإنما أجمع العلماء على حمل المطلق على المقيد هنا وقصروا التحريم على الدم المسفوح، لأن ما خلط اللحم غير محرم بإجماع وإلا لترتب على ذلك إصر ومشقة فى الدين، والله تعالى يقول:

وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (٤)


(١) سورة البقرة الآية ١٧٣.
(٢) سورة الأنعام الآية ١٤٥.
(٣) المسفوح: يقال سفح فمه أى سفكه والدم المسفوح الجارى الذى يسيل وهو المحرم- مختار الصحاح ٣٠٠ وتفسير القرطبي ٣/ ٢٥٥٩
(٤) سورة الحج الآية ٧٨.

<<  <   >  >>