للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا: ومما تكلم فيه العلماء مسألة استعمال اللفظ فى معنييه الحقيقى والمجازى معا فقالوا: هل يمكن استعمال اللفظ فى معنييه الحقيقى والمجازى معا فى إطلاق واحد، واعتبار كل منهما متعلقا للحكم من غير أن يكون هناك معنى عام يشملها كأن تقول: اقتل الأسد وتريد السبع باعتباره موضوعا له، والرجل الشجاع باعتباره شبيها له؟

فذهب محققو الشافعية والحنفية وجمع من المعتزلة وجمهور اللغويين إلى أن اللفظ لا يستعمل فى المعنى الحقيقى والمجازى معا، فى إطلاق واحد، واعتبار كل واحد منهما متعلقا للحكم من غير أن يكون هناك معنى عام يشملها، وأجاز ذلك بعض العلماء، فمثلا فى قوله تعالى:

أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ (١) المعنى المجمع عليه هنا هو المعنى المجازى فلا يراد به المعنى الحقيقى الذى هو مجرد اللمس إلا بدليل آخر. هذا على المذهب الأول.

وعلى الثانى لا مانع يمنع من إرادة المعنى الحقيقى والمجازى معا، بدليل صحة الاستثناء فتقول: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ إلا إذا كان اللمس باليد، والله أعلم.

[إثبات المجاز فى اللغة:]

يلاحظ أن أكثر العلماء ذهبوا إلى القول بإثبات المجاز فى اللغة.

وحكى عن قوم المنع. والمانعون لا يخلو خلافهم فى ذلك إما أن يكون خلافا فى معنى أو فى عبارة.

والخلاف فى المعنى نوعان:

أحدهما: أن يقولوا إن أهل اللغة لم يستعملوا الأسماء فيما نقول إنها مجاز فيه نحو اسم «الحمار» فى «البليد».


(١) سورة النساء الآية: ٤٣.

<<  <   >  >>