لأن نصوص الأحكام يراد بها العمل والتطبيق لا مجرد الاعتقاد، ولا يمكن العمل بها إذا كانت متشابهة، وحيث إنها شرعت للعمل بمقتضاها فيلزم أن لا يكون فيها أى تشابه.
إذا علم هذا تبين لنا أن المتشابه بالمعنى الذى أراده الأصوليون، ليس من بحث الأصول، وإنما هو من أبحاث علم الكلام، وكل ما يمكن أن نقوله هنا هو أن الحروف
المقطعة وآيات الصفات ليست من قبيل المتشابه الذى يريدونه لأن الحروف المقطعة جاءت لبيان أن القرآن مؤلف من هذه الحروف وأمثالها، ومع هذا فقد عجز البشر عن الإتيان بمثل آية منه، وهذه آية إعجازه وكونه من عند الله.
وكذلك الأمر فى آيات الصفات فتحمل على المعنى اللائق بالله عز وجل، لأن ذاته سبحانه لما كانت مغايرة لذواتنا كانت صفاته أيضا كذلك، قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١).
لكن هل لذكر المتشابه فى القرآن حكمة؟
[والجواب نعم وإليك بعضا منها:]
١ - رحمة الله بالإنسان الضعيف الذى لا يطيق معرفة كل شىء. لذا فقد حجب الله عنه معرفة الساعة حتى لا يفتك به الخوف والهلع لو أدرك بالتحديد شدة قربها منه.
٢ - الابتلاء والاختبار: أيؤمن الإنسان بالغيب ثقة بخبر الصادق أم لا؟
فالذين اهتدوا يقولون: آمنا وإن لم يعرفوا على التعيين والذين فى قلوبهم زيغ يكفرون به.
٣ - إقامة الدليل على عجز الإنسان وجهله مهما عظم استعداده، وغزر