للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه دل على أن المراد من قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ البعض دون الكل الذى هو ظاهر بأصل الوضع، وبين أنه ظاهر فى الاحتمال الذى دلت عليه القرينة فى سياق الكلام.

وللإمام الشافعى رحمه الله قول بإجمال البيع، لأن الربا مجمل وهو فى حكم المستثنى من البيع واستثناء المجهول من المعلوم يعود بالإجمال على أصل الكلام. والصحيح الأول، فإن الربا عام فى الزيادات كلها وكون البعض غير مراد نوع تخصيص فلا تتغير به دلالة الأوضاع.

ومثال النوع الثانى قوله تعالى: مِنَ الْفَجْرِ فإنه فسّر مجمل قوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ (١) إذ لولا مِنَ الْفَجْرِ لبقى الكلام الأول على تردده وإجماله.

وقد ورد أن بعض الصحابة كان يربط فى رجله الخيط الأبيض والأسود، ولا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له لونهما، فأنزل الله تعالى بعد ذلك مِنَ الْفَجْرِ فعلموا أنه أراد الليل والنهار.

[وأما اللفظية المنفصلة فنوعان أيضا:]

١ - تأويل.

٢ - وبيان.

فمثال الأول: قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ (١) فإنه دل على أن المراد بقوله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتانِ (٣) الطلاق الرجعى. إذ لولا القرينة لكان الكل منحصرا فى الطلقتين.

وهذه القرينة وإن كانت مذكورة فى سياق ذكر الطلقتين إلا أنها جاءت فى آية أخرى، فلهذا جعلت من قسم المنفصلة.


(١) سورة البقرة آيتا: ١٨٧، ٢٣٠.
(٣) سورة البقرة الآية: ٢٢٩.

<<  <   >  >>