للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان الإمام الشافعى رحمه الله قد ذهب هذا المذهب فإننا نجد الإمام مالكا رحمه الله يقول: من ارتد حبط عمله بمجرد الردة فهو يتمسك بالإطلاق الوارد فى الآية الأولى، ويجيب عما ذهب إليه الشافعى رحمه الله فيقول:

إن الآية الثانية ليست مقيدة للآية الأولى، لأنها رتب فيها مشروطان وهما الحبوط فى النار على شرطين: وهما الردة، والوفاة على الكفر، وإذا رتب مشروطان على شرطين أمكن التوزيع فيكون الحبوط لمطلق الردة، والخلود لأجل الوفاة على الكفر فيبقى المطلق على إطلاقه (١).

ولعل ما ذهب إليه الشافعية هو الأصح، وقول السادة المالكية إذا رتب مشروطان على شرطين أمكن التوزيع صحيح لكن بشرط أن يصح استقلال كل واحد من المشروطين عن الآخر، أما إذا لم يصح الاستقلال فلا، والمشروطان مما فيه الكلام من الضرب الثانى الذى لا يصح فيه استقلال أحد الشروطين عن الآخر لأنهما سبب ومسبب، والسبب لا يستغنى عن مسببه وبالعكس (٢). ويظهر أثر هذا الخلاف فى المسلم إذا حج ثم ارتد ثم أسلم. فقال مالك رحمه الله: يلزمه الحج لأن الحج الأول قد حبط بالردة (٣)، وقال الشافعى رحمه الله: لا إعادة عليه لأن عمله باق (٤). والله أعلم.

[قاعدة:]

نفى العام يدل على نفى الخاص، وثبوته لا يدل على ثبوته، وثبوت الخاص يدل على ثبوت العام، ونفيه لا يدل على نفيه، ولا شك أن


(١) الفروق للقرافى ١/ ١٩٣، ١٩٤، والإعلام بقواطع الإسلام لابن الهيتمى ٤١ ط:
الشعب.
(٢) أدرار الشروق على أنواء الفروق لابن شاط ١/ ١٩٤.
(٣) الفروق ١/ ١٩٣، وتفسير القرطبى ١/ ٨٥٦.
(٤) معنى المحتاج ٤/ ١٣٣.

<<  <   >  >>