للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ القرطبى رحمه الله (١):

اختلف العلماء، هل كان هذا السجن حدّا أو توعدا بالحد على قولين:

أحدهما: أنه توعد بالحد.

والثانى: أنه حد. قال ابن عباس والحسن. زاد ابن زيد: وأنهم منعوا من النكاح حتى يموتوا عقوبة لهم حين طلبوا النكاح من غير وجهه.

وهذا يدل على أنه كان حدّا، بل أشد، غير أن ذلك الحكم كان محدودا إلى غاية، وهو الأذى فى الآية (٢) الأخرى على اختلاف التأويلين فى أيهما قبل؟

وكلاهما محدود إلى غاية وهى قوله عليه الصلاة والسلام فى حديث عبادة بن الصامت: «خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم». وهذا نحو قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (٣) فإذا جاء الليل ارتفع حكم الصيام لانتهاء غايته لا لنسخه.

هذا قول المحققين المتأخرين من الأصوليين. فإن النسخ إنما يكون فى القولين المتعارضين من كل وجه اللذين لا يمكن الجمع بينهما والجمع ممكن بين الحبس والتعيير والجلد والرجم.

وقال الشيخ البيضاوى رحمه الله (٤):

« ... ويحتمل أن يكون المراد به التوصية بإمساكهن بعد أن


(١) تفسير القرطبى ٢/ ١٦٥٤، ١٦٥٥.
(٢) قال تعالى: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما [النساء: ١٦].
(٣) سورة البقرة الآية: ١٨٧.
(٤) تفسير البيضاوى ١٠٦.

<<  <   >  >>