«وأما الشافعى رضى الله عنه فإنه سمى الظاهر نصّا ثم قال: النص ينقسم إلى ما يقبل التأويل وإلى ما لا يقبله، والمختار عندنا أن يكون النص ما لا يتطرق إليه التأويل .... وتسمية الظاهر نصا منطبق على اللغة لا مانع فى الشرع منه إذ معنى النص قريب من الظهور. تقول العرب: نصت الظبية رأسها إذا رفعته وأظهرته، وسمى الكرسى منصة إذ تظهر عليه العروس».
فالإمام الشافعى رحمه الله لم يذكر فرقا بين النص والظاهر، ولكن الأصوليين من بعده فرقوا بينهما لأن الفروع الفقهية التى استنبطها الفقهاء من بعده ومن قبله توجب الأخذ بالتفرقة بين نوعين من العبارات:
عبارات قوية الدلالة فى الأحكام بحيث لا يتطرق إليها الاحتمال، أو الاحتمال الناشئ عن الدليل، ونصوص يتطرق إليها الاحتمال ولكنها ظاهرة فى معنى، ولا يخطر على الذهن عند سماعها سواه، وإن كانت هى فى ذاتها تحتمل غيره، وكل له مرتبة فى الاستدلال فلا مانع من أن يطلق على أحدهما اسم ينبئ عن مرتبته ويوضح موضعه من الآخر.
على العموم إن كلا من النص والظاهر يحتمل التأويل لكن الفرق بينهما يتضح فيما يلى:
أولا: عند التعارض بينها يرجح النص على الظاهر كما سيأتى مثاله قريبا.
ثانيا: احتمال النص التأويل أبعد من احتمال الظاهر.
ثالثا: أن دلالة النص على معناه أوضح من دلالة الظاهر على معناه.