للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها (١)

وقال الشيخ القرطبى رحمه الله (٢):

اختلف الناس فى معنى قوله تعالى:

وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ على أقوال خمسة:

الأول: أنها منسوخة. قاله ابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، وأبو هريرة، والشعبى، وعطاء، ومحمد بن سيرين، ومحمد بن كعب، وموسى بن عبيدة، وجماعة من الصحابة والتابعين، وأنه بقى هذا التكليف حولا حتى أنزل الله الفرج بقوله:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ... وفى صحيح مسلم (٣) عن ابن عباس قال: لما نزلت:

وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ قال: دخل قلوبهم منها شىء لم يدخل قلوبهم من شىء، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا» قال: فألقى الله الإيمان فى قلوبهم فأنزل الله تعالى:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ... الآية.

الثانى: قال ابن عباس وعكرمة والشعبى ومجاهد: إنها محكمة مخصوصة وهى فى معنى الشهادة التى نهى عن كتمها. ثم اعلم فى هذه الآية أن الكاتم لها المخفى ما فى نفسه محاسب.

الثالث: أن الآية فيما يطرأ على النفوس من الشك واليقين. قاله مجاهد.


(١) سورة البقرة الآية: ٢٨٦.
(٢) تفسير القرطبى ٢/ ١٢٢٩.
(٣) صحيح مسلم ١/ ٦٥.

<<  <   >  >>