للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: أنها محكمة عامة غير منسوخة، والله محاسب خلقه على ما علموا من عمل وعلى ما لم يعملوه مما ثبت فى نفوسهم وأضمروه ونووه وأرادوه، فيغفر للمؤمنين ويأخذ به أهل الكفر والنفاق.

وقال الحسن: الآية محكمة ليست بمنسوخة.

الخامس: رجع الطبرى (١) أن الآية محكمة غير منسوخة.

قال ابن عطية: وهذا هو الصواب وذلك أن قوله تعالى:

وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ معناه مما هو فى وسعكم وتحت كسبكم وذلك استصحاب المعتقد والفكر. فلما كان اللفظ مما يمكن أن تدخل فيه الخواطر أشفق الصحابة والنبى صلى الله عليه وسلم، فبين الله لهم ما أراد بالآية الأخرى، وخصصها ونص على حكمه أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، والخواطر ليست هى ولا دفعها فى الوسع بل هى أمر غالب وليست مما يكتسب فكان فى هذا البيان فرجهم وكشف كربهم وباقى الآية محكمة لا نسخ فيها. ومما يدفع أمر النسخ أن الآية خبر، والأخبار لا يدخلها النسخ. ثم قال القرطبى (٢): وقيل: فى الكلام إضمار وتقييد. تقييده يحاسبكم به الله إن شاء، وعلى هذا فلا نسخ.

فالقول بالنسخ هنا ليس ظاهرا لأن الله عز وجل سيحاسب الناس على ما أظهروه من الأقوال والأفعال، وما أضمروه وهو سبحانه فى الوقت نفسه لا يكلفهم إلا ما فى وسعهم ولا يترتب على ذلك محال، لأن فى وسع الإنسان ألا يضمر شرّا كما فى وسعه بقية الأعمال التكليفية والله أعلم.


(١) تفسير الطبرى ٣/ ٩٩.
(٢) تفسير القرطبى ٢/ ١٢٣١

<<  <   >  >>