للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقولون فى كتبهم «هذا الاسم مجاز، وهذا الاسم حقيقة» وليس إذا لم تسمه العرب بذلك يمتنع أن يصنع الناقلون عنهم له هذا الاسم ليكون آلة وأداة فى صنائعهم، لأن أهل الصنائع يفعلون ذلك ولهذا سمى النحاة الضمة المخصوصة «رفعا» والفتحة «نصبا» ولم يلحقهم بذلك عيب.

وأما تسمية المانعين مجموع الاسم والقرينة حقيقة فإنه لو صح ذلك لم يقدح (١) فى تسمية أهل اللغة الاسم بانفراده مجازا. على أن الوصف بالمجاز وبالحقيقة يرجع إلى الألفاظ، لأنها هى المستعملة فى المعانى دون القرائن، لأن القرائن قد تكون شاهد حال وغير ذلك مما ليس من فعل المتكلم.

[دخول المجاز فى خطاب الله تعالى:]

اختلف العلماء فى وجود المجاز فى القرآن الكريم على مذهبين:

[المذهب الأول:]

أن الله عز وجل قد خاطبنا فى القرآن بالمجاز، وهذا مذهب الجمهور الذى يرى أن دخول المجاز فى القرآن أمر حسن، لأن الله عز وجل أنزل القرآن بلغة العرب وإنزاله جل شأنه القرآن بلغتهم يقتضى حسن خطابه إياها فيه بلغتها ما لم يكن فيه تنفير كالكلام السخيف (٢) المنسوب قائله إلى الغىّ (٣)، ولا شك أن أكثر الفصاحة تظهر بالمجاز والاستعارة.

وقد استدل الجمهور على الوقوع بما يلى:


(١) يقال قدح الشيء فى صدرى بمعنى أثر (لسان العرب: ٤/ ٣٥٤١).
(٢) السخف هو رقّة العقل وضعفه وكل مارق فهو سخيف- لسان العرب: ٣/ ١٩٦٤.
(٣) يقال عىّ بالأمر عيّا إذا عجز عنه ولم يطق إحكامه- لسان العرب: ٤/ ٣٢٠١.

<<  <   >  >>