للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السابع: أن معناها أينما كنتم وحيثما كنتم من مشرق أو مغرب فلكم قبلة واحدة تستقبلونها.

هذه أقوال سبعة ذكرها ابن العربى فى سبب نزول الآية الأولى، ولا شك أن الآية تحتملها جميعا. وقول واحد منها يقول صاحبه بالنسخ بينما بقية الأقوال تحاول الجمع والتوفيق بين الآيتين، لأن النسخ يترتب عليه إبطال أحد النصين، فالأفضل والأكمل هو عدم القول بالنسخ، لأن الله عز وجل أنزل النصين للعمل بهما لا للعمل بأحدهما، وهجر الآخر، ومما قرره جمهور العلماء (١) - غير الحنفية- أنه عند وجود شبهة تعارض بين دليلين، فالواجب هو الجمع والتوفيق بينهما بأى نوع من أنواع الجمع، حيث إن العمل بهما ولو من وجه من الوجوه أولى من إسقاط أحدهما بالكلية، ولا فرق حينئذ بين أن يكون الدليلان المتعارضان عامين أو خاصين أو أحدها عامّا والآخر خاصّا.

[الآية الثانية:]

قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢).

وقد اختلف العلماء فى حكم هذه الآية أهي منسوخة أم محكمة لم تنسخ؟

ذهب الجمهور إلى القول بأنها منسوخة قال الإمام الشافعى رضى الله عنه ما معناه: إن الله تعالى أنزل آية الوصية وأنزل آية المواريث، فاحتمل أن تكون الوصية باقية مع الميراث، واحتمل أن تكون المواريث ناسخة للوصايا، وقد طلب العلماء ما يرجح أحد الاحتمالين فوجدوه فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «لا وصية لوارث» (٣)


(١) الاعتبار للحازمى ٢٥. وشرح تنقيح الفصول ٤٢١، وشرح الجلال المحلى على متن جمع الجوامع ٢/ ٣٦١. وغاية الوصول ١٤١. وحاشية النفحات على شرح الورقات ١١٥. والتمهيد ١٥٥. ولطائف الإشارات ٤٣.
(٢) سورة البقرة الآية: ١٨٠.
(٣) أخرجه ابن ماجة فى سننه ٢/ ٩٠٥.

<<  <   >  >>