للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذهب جمهور العلماء منهم الإمام الشافعى، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، ومحمد بن جرير الطبرى، والقاضى أبو بكر الطيب وأبو الحسين بن فارس اللغوى إلى القول بأنه ليس فى القرآن شىء غير العربية (١).

قال الإمام الشافعى رحمه الله (٢):

ومن جماع علم كتاب الله: العلم بأن جميع كتاب الله تعالى إنما نزل بلسان العرب.

ثم قال رحمه الله: وقد تكلم فى العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة له إن شاء الله.

فقال منهم قائل: إن فى القرآن عربيّا وأعجميّا، والقرآن يدل على أنه ليس من كتاب الله شىء إلا بلسان العرب. ووجد قائل هذا القول من قبل ذلك منه تقليدا له، وتركا للمسألة له عن حجته ومسألة غيره ممن خالفه. وبالتقليد أغفل من أغفل منهم، والله يغفر لنا ولهم.

ولعل من قال: إن فى القرآن غير لسان العرب وقبل ذلك منه ذهب إلى أن من القرآن خاصا يجهل بعضه العرب.

ولسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبى، ولكنه لا يذهب منه شىء على عامتها حتى لا يكون موجودا فيها من يعرفه. والعلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه، لا نعلم رجلا جمع السنن فلم يذهب منها عليه شىء.

فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن، وإذا فرّق علم كل واحد منهم ذهب عليه الشيء منها، ثم كان ما ذهب عليه منها


(١) المستصفى ١/ ١٠٥، والأحكام ١/ ٤٧، وشرح العضد ١/ ١٧٠، وشرح الجلال المحلى ١/ ٣٢٦، والتبصرة فى أصول الفقه ١٨٠.
(٢) الرسالة ٤٠ - ٤٤

<<  <   >  >>