للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا يفيد أن السنة لا تنسخ القرآن، لأنها نابعة من نفسه صلى الله عليه وسلم. ويدفع هذا بأن السنة ليست نابعة من نفسه صلى الله عليه وسلم، على أنها هوى منه وشهوة، بل معانيها موحاة من الله تعالى إليه، وكل ما استقل به الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عبر عنها بألفاظ من عنده، فهى وحى يوحى وليست من تلقاء نفسه على هذا الاعتبار، وعلى هذا فليس نسخ القرآن بها تبديلا له من تلقاء نفسه إنما هو تبديل بوحى.

[الدليل الرابع:]

قال تعالى: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ (١) فهذا القول الكريم رد الله تعالى به على من أنكر النسخ وعاب به الإسلام حيث قالوا فى حقه صلى الله عليه وسلم- عند تبديل الآية بالآية- كما حكى القرآن: إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ (٢) ومعلوم أن روح القدس إنما ينزل بالقرآن، ومن ثم فلا ينسخ القرآن إلا بقرآن. والحق أن هذا الاستدلال غير سديد لأن كلا من القرآن والسنة وحى من السماء.

قال الإمام فخر الدين الرازى رحمه الله (٣):

من يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم فإنما يتهمه لأنه يشك فى نبوته صلى الله عليه وسلم. ومن تكن هذه حاله فالنبى صلى الله عليه وسلم مفتر عنده سواء نسخ الكتاب بالكتاب أو بالسنة والمزيل لهذه التهمة التمسك بمعجزاته صلى الله عليه وسلم. اه.

وقال الإمام أبو الحسين البصرى رحمه الله (٤):

.... والجواب: أن ذلك لا يمنع من نسخ القرآن بالسنة لأن النبى


(١) سورة النحل الآية: ١٠٢.
(٢) سورة النحل الآية: ١٠١.
(٣) المحصول ١/ ٥٢٩.
(٤) المعتمد ١/ ٣٩٥.

<<  <   >  >>