للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويرى آخرون أن الآية محكمة وغير منسوخة، وأنها نزلت فى الشيخ الفانى والمرأة العجوز، والمريض الذى يجهده الصوم، وهذا مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما. وروى عن عطاء (١) أنه سمع ابن عباس رضى الله عنهما يقرأ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قال ابن عباس: ليست بمنسوخة هى للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا.

وعلى هذا تكون الآية غير منسوخة، ويكون معنى قوله تعالى:

وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ أى وعلى الذين يقدرون على الصوم مع الشدّة والمشقة، ويؤيده قراءة «يطوّقونه» أى يكلفونه مع المشقة.

قال أبو بكر الجصاص رحمه الله (٢):

.... وقالت الفرقة الثانية هى غير منسوخة، بل هى ثابتة على المريض والمسافر يفطران ويقضيان، وعليها الفدية مع القضاء، وكان ابن عباس وعائشة وعكرمة وسعيد بن المسيب قرءوها وعلى الّذين يطوقونه فاحتمل هذا اللفظ معانى منها: ما بينه ابن عباس أنه أراد الذين كانوا يطيقونه، ثم كبروا فعجزوا عن الصوم، فعليهم الإطعام.

والمعنى الآخر، يكلفونه على مشقة فيه، وهم لا يطيقونه لصعوبته فعليهم الإطعام، ومعنى آخر وهو أن حكم التكليف يتعلق عليهم، وإن لم يكونوا مطيقين للصوم، فيقوم لهم الفدية مقام ما لحقهم من حكم تكليف الصوم. ألا ترى أن حكم تكليف الطهارة بالماء قائم على المتيمم، وإن لم يقدر عليه حتى أقيم التراب مقامه ولولا ذلك لما كان التيمم بدلا منه.

وقال القرطبى رحمه الله (٣):

.... قلت فقد ثبت بالأسانيد الصحاح عن ابن عباس أن الآية


(١) أخرجه النسائى فى سننه بلفظ قريب ٤/ ١٩٠، ١٩١.
(٢) أحكام القرآن له ١/ ١٧٦، ١٧٧.
(٣) تفسير القرطبى ١/ ٦٦٥.

<<  <   >  >>