للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المانعون (١) لهذا الضرب من النسخ فيقولون لا يمكن أن توجد فى القرآن الكريم آيات معطلة الأحكام بقيت فى المصحف للذكرى والتاريخ، تقرأ التماسا لأجر التلاوة فحسب وينظر إليها كما ينظر إلى التحف الثمينة فى دور الآثار. غاية ما يرجى من المحافظة عليها إثبات المرحلة التى أدتها فى الماضى أما الحاضر والمستقبل فلا شأن لها بهما.

قال الشيخ جلال الدين السيوطى رحمه الله (٢):

... إن الذى أورده المكثرون أقسام: قسم ليس من النسخ فى شىء ولا من التخصيص ولا له بهما علاقة بوجه من الوجوه، وذلك مثل قوله تعالى: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ (٤) ونحو ذلك قالوا: إنه منسوخ بآية الزكاة وليس كذلك بل هو باق أما الأولى فإنها خبر فى معرض الثناء عليهم بالإنفاق، وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة وبالإنفاق على الأهل، وبالإنفاق فى الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة، وليس فى الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة، والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة وقد فسرت بذلك (٥).

وكذا قوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٦) قيل: إنها مما نسخ بآية السيف، وليس كذلك لأنه تعالى أحكم الحاكمين أبدا لا يقبل هذا الكلام النسخ، وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة.

وقوله تعالى فى سورة البقرة: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (٧)


(١) نظرات فى القرآن للداعية الإسلامى الكبير فضيلة الشيخ محمد الغزالى ٢٣٦.
(٢) الاتقان ٣/ ٧١.
(٣) سورة البقرة الآية: ٣.
(٤) سورة المنافقون الآية: ١٠.
(٥) تفسير ابن كثير ٨/ ١٦٠، والناسخ والمنسوخ لابن سلامة ١١.
(٦) سورة التين الآية: ٨.
(٧) سورة البقرة الآية: ٨٣.

<<  <   >  >>