للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يقولون إنه ينسخ بكل سنة، بل بما كان متواترا فكيف يكون النسخ هنا بقول عائشة وأم سلمة وهما لم ترفعاه.

أضف إلى ذلك أن ابن العربى رحمه الله قال (١):

« ... وجعلوا حديث عائشة سنة ناسخة وهو حديث واه ومتعلق ضعيف- والله تعالى أعلم»

[الآية العشرون:]

قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٢) وقد ذهب بعض العلماء إلى القول بأن الآية الأولى منسوخة بالآية الثانية، وأن هذا من باب النسخ بلا بدل (٣). لأن الله عز وجل أمرهم عند إرادة المناجاة أن يقدموا صدقة، ثم نسخ ذلك بالآية الثانية (٤).

ويرى أبو مسلم الأصفهانى رحمه الله عدم وقوع النسخ هنا ويقول فى هذه الآية: إنه كان يوجد بين المؤمنين جماعة من المنافقين. كانوا يمتنعون من بذل الصدقات، وأن فريقا منهم عدل عن نفاقه وصار مؤمنا إيمانا حقيقيّا. فأراد الله عز وجل أن يميزهم عن المنافقين الذين لا يزالون على نفاقهم، فأمر بتقديم الصدقة ليتميز هؤلاء من هؤلاء، وإذا كان التكليف لهذه المصلحة المقدرة لذلك الوقت لا جرم يقدر التكليف بذلك الوقت.


(١) أحكام القرآن له ٣/ ١٥٧١.
(٢) سورة المجادلة آيتا: ١٢، ١٣.
(٣) إرشاد الفحول ١٨٧.
(٤) القائلون بالنسخ اختلفوا فى مقدار تأخر الناسخ عن المنسوخ فقيل ما بقى المنسوخ إلا ساعة من نهار وقيل بقى عشرة أيام.

<<  <   >  >>