للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ أبو الحسن البصرى تعليقا على هذا (١): وهذا مكابرة لا يرتكبها أحد.

والآخر: أن يقولوا إن أهل اللغة وضعوا فى الأصل اسم الحمار للرجل البليد كما وضعوه للبهيمة.

وهذا باطل لأنا كما نعلم أن العلماء يستعملون ذلك فى البليد، وإطلاق الحمار على البليد إنما هو على طريق التبع والتشبيه للبهيمة، ومن ثم فإن استحقاق البليد لذلك ليس كاستحقاق البهيمة، ولذلك يسبق إلى الفهم من قول القائل: رأيت الحمار- البهيمة دون البليد، ولو كان لفظ الحمار موضوعا له وللبليد على السواء لم يسبق إلى الأفهام أحدهما.

فإن قيل: إذا كانت الحقائق تعم المسميات فلماذا تجوز بالأسماء عما وضعت له؟

فالجواب: أن فى المجاز من المبالغة والحذف ما ليس فى الحقيقة، لهذا كان وصف البليد بأنه حمار أبلغ فى الإبانة عن بلادته من قولهم:

«بليد».

وأما الخلاف فى الاسم فبأن يسلم المخالف أن استعمال اسم «الحمار» فى البليد ليس بموضوع له فى الأصل، وأنه بالبهيمة أخص لكنه يقول: لا أسميه مجازا إذا عنى به البليد، لأن أهل اللغة لم يسموه بذلك بل أسميه مع قرينته حقيقة.

فيقال له: إن أردت أن العرب لم تسمه بذلك فصحيح، وإن أردت أن الناقلين عنهم لم يسموه بذلك فباطل بتلقيبهم كتبهم بالمجاز، وبأنهم


(١) المعتمد: ١/ ٢٩.

<<  <   >  >>