للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به فلذلك كان نفى العام أحسن من نفى الخاص، وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام (١).

فالأول: كقوله تعالى:

فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ (٢) لم يقل: ذهب الله بضوئهم. بعد قوله: (أضاءت) وذلك لأن النور أعم من الضوء إذ يقال على القليل والكثير والضوء إنما يقال على النور الكثير. قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً (٣) ففي الضوء دلالة على النور فهو أخص منه. فعدمه يوجب عدم الضوء بخلاف العكس، والقصد إنما هو إزالة النور عنهم أصلا بدليل قوله تعالى بعد ذلك: وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ومنه أيضا قوله تعالى: لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ (٤) ولم يقل: ضلال- كما قالوا: إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ (٥) لأنها أعم منه، فكان أبلغ فى نفى الضلال، وعبّر عن هذا بأن نفى الواحد يلزم منه نفى الجنس البتة، وبأن نفى الأدنى يلزم منه نفى الأعلى.

والثانى: كقوله تعالى:

وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ (٦) لم يقل سبحانه: طولها- لأن العرض أخص إذ كل ما له عرض فله طول ولا ينعكس.


(١) الإتقان ٣/ ٢٦٤.
(٢) سورة البقرة الآية ١٧.
(٣) سورة يونس الآية ٥.
(٤) سورة الأعراف الآية ٦١.
(٥) سورة الأعراف الآية ٦٠.
(٦) سورة آل عمران الآية ١٣٣.

<<  <   >  >>