للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونظير هذه القاعدة أن نفى المبالغة فى الفعل لا يستلزم نفى أصل الفعل وقد استشكل على هذا آيتان قوله تعالى: وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١) وقوله: وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٢) وأجيب عن الآية الأولى بأجوبة:

أحدها: أن ظلّاما وإن كان للكثرة لكنه جىء به فى مقابلة العبيد الذى هو جمع كثرة ويرشحه أنه تعالى قال:

عَلَّامُ الْغُيُوبِ (٣) فقابل صيغة «فعال» بالجمع، وقال فى آية أخرى:

عالِمَ الْغَيْبِ (٤) فقابل صيغة «فاعل» الدالة على أصل الفعل الواحد.

الثانى: أنه نفى الظلم الكثير لينتفى القليل ضرورة، لأن الذى يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم، فإذا ترك الكثير مع زيادة نفعه فلأن يترك القليل أولى.

الثالث: أنه ورد جوابا لمن قال «ظلام» والتكرار إذا ورد جوابا لكلام خاص لم يكن له مفهوم.

الرابع: أن صيغة المبالغة وغيرها فى صفات الله تعالى سواء فى الإثبات. فجرى النفى على ذلك.

الخامس: أنه قصد التعريض بأن ثم ظلاما للعبيد من ولاة الجور.

ويجاب عن الآية الثانية بالأجوبة المتقدمة، وبجواب آخر هو مناسبة رءوس الآى، والله أعلم.


(١) سورة فصلت ٤٦.
(٢) سورة مريم الآية ٦٤.
(٣) سورة المائدة الآية ١١٦.
(٤) سورة الزمر الآية ٤٦.

<<  <   >  >>