للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ (١) مع قوله جل شأنه: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ (٢) والناظر فى هاتين الآيتين يجد أن الشهود فى الآية الأولى لم يقيدوا بالعدالة بخلافهم فى الآية الثانية فيحمل المطلق على المقيد، وتكون العدالة شرطا فى الشهادة فى الأموال والحدود والأنكحة، وكل الأقضية التى تبنى على الشهادة (٣).

ومن الأمثلة التى حمل فيها العلماء المطلق على المقيد أيضا: قول الله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (٤) وقوله سبحانه:

وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥) فالآية الأولى تفيد أنه بمجرد الاشتراك يحصل الإحباط، فيلقى المشرك ربه فى صحيفته شىء مما عمله قبل الردة. فى حين أن الآية الأخرى قيدت إحباط العمل على الوفاة على ردته، فمجرد الردة لا يحبط عملا وهذا ينافى ما صرحت به الآية الأولى.

ومن ثم ذهب الإمام الشافعى رحمه الله إلى القول بوجوب حمل المطلق فى الآيتين على المقيد منها، وعليه فليس كل إشراك محبطا للأعمال إلا إذا استمر مع صاحبه إلى الوفاة.


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٢.
(٢) سورة الطلاق الآية ٢.
(٣) أصول الفقه للشيخ أبى زهرة ١٣٦.
(٤) سورة الزمر الآية ٦٥.
(٥) سورة البقرة الآية ٢١٧.

<<  <   >  >>