للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالقروء جمع قرء، والقرء فى اللغة يطلق على الطهر وعلى الحيض، وما على المجتهد إلا أن يبذل جهده لمعرفة المراد منه، لأن الشارع ما أراد إلا أحد معنييه، والحق أن العلماء مختلفون فى تبين المراد من القرء على حسب اجتهادهم، ومدى ترجيحهم للقرائن الدالة على أحد المعنيين.

فالأئمة مالك والشافعى وابن عمر وزيد وعائشة رضى الله عنهم ذهبوا إلى القول بأن المراد من القرء هو الطهر لما يلى:

أولا: أن الله عز وجل أثبت التاء فى العدد «ثلاثة» وهذا على أن المعدود مذكر وهو لا يكون مذكرا إلا إذا كان المراد الطهر.

ثانيا: قال تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ (١) والمعنى فطلقوهن فى وقت عدتهن، ومعلوم أن الطلاق فى زمن الحيض منهى عنه، فوجب أن يكون زمان العدة غير زمان الحيض، وفى هذا دليل على أن القرء هو الطهر.

وقد ذهب الأئمة على وعمرو ابن مسعود وأبو حنيفة رضى الله عنهم إلى القول بأن المراد من القرء الحيض لما يلى:

أولا: أننا أجمعنا على أن الاستبراء (٢) فى شراء الجوارى يكون بالحيضة، فكذا العدة تكون بالحيضة، لأن الغرض منها واحد.

ثانيا: أن العدة شرعت لمعرفة براءة الرحم، والذى يدل على براءة الرحم، إنما هو الحيض لا الطهر.

ثالثا: قال صلى الله عليه وسلم: «طلاق الأمة تطليقتان وعدتها


(١) سورة الطلاق ١.
(٢) الاستبراء هنا معناه طلب البراءة من الحمل. قال ابن منظور: الاستبراء أن يشترى الرجل جارية فلا يطؤها حتى تحيض عنده حيضة ثم تطهر، وكذلك اذا سباها لم يطأها حتى يستبرئها بحيضة- لسان العرب ١/ ٢٤١.

<<  <   >  >>