للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجواب: أن كلام الله تعالى اسم مشترك بين الكلام النفسى ومعنى الإضافة كونه صفة لله تعالى، وبين الكلام اللفظى الحادث المؤلف من السور والآيات، ومعنى الإضافة أنه مخلوق لله تعالى ليس من تأليف المخلوقين إلا أن الأحكام لما كانت منوطة (١) بالكلام اللفظى دون النفسى جعل القرآن اسما له، واعتبر فى حده ما يميزه عن المعنى القديم فلهذا عرفه علماء الأصول بالمكتوب فى المصاحف ... إلخ.

وقولهم: (المنقول إلينا نقلا متواترا). قيد رابع فى التعريف يخرج به القراءة الشاذة (٢) كقراءة الصحابى الجليل أبىّ بن كعب رضى الله عنه- فعدة من أيام أخر متتابعات- لأنها ثابتة بطريق الآحاد. وجاء فى شرح المنار (٣): فإن قلت: قراءة ابن كعب قد خرجت بقولهم:

المكتوب فى المصاحف، لأنها مكتوبة فى مصحفه فقط وليس فى كل المصاحف، ومن ثم فيكون هذا الوصف زائدا لا حاجة إليه؟


وجاء فى كتاب القرآن والفلسفة ٨٧ - ٩٦:
أن المشبهة ذهبوا إلى القول بأن القرآن أزلى قديم حتى الحروف والأصوات والكتابة المكتوب بها. بل زاد بعضهم فى الغلو حيث قال إن جلدة المصحف التى تضمّه وكذلك الغلاف الذى يوضع فيه كلاهما كذلك أزلى قديم. وعلى الضد من مذهب المشبهة نجد المعتزلة يقولون بأنه حادث مخلوق ككل شىء فى الوجود ما عدا ذات الله وحدها.
أما الأشاعرة فقد وقفوا موقفا وسطا بين غلو الحنابلة من المشبهة وغلو المعتزلة فقالوا:
إن القرآن قديم ولكنه ليس الحروف والأصوات التى نسمعها والكلمات التى نكتبها إنما هو أى القرآن الكريم القديم كلام الله القائم بذاته.
أما الكلام المؤلف من الحروف والكلمات والأصوات فحادث.
وأدلة هذه الفرق مبسوطة فى كتب الكلام- بتصرف-.
(١) ناط الشيء ينوطه نوطا: علقه، والنوط ما علّق ويقال نيط عليه الشيء علق عليه.
قال رقاع بن قيس الأسدي:
بلاد بها نيطت علىّ تمائمى ... وأول أرض مسّ جلدى ترابها
(٢) سيأتى قريبا بمشيئة الله تعالى الكلام عن القراءة التى فقدت أحد أركان القرآن.
(٣) شرح المنار ٤٠.

<<  <   >  >>