للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موضع اشتباه، فيكون اللفظ خفيّا بالنسبة إلى هذا الفرد لأن تناوله له لا يفهم من نفس اللفظ بل لا بدّ له من أمر خارجى مثاله: قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما (١).

فلفظ السارق فى الآية الكريمة يطلق على من يأخذ مال الغير خفية من حرز مثله (٢)، وهذا هو المفهوم الشرعى له، والظاهر منه أنه يتناول جميع أفراده حتى من يسرق الناس فى يقظتهم بنوع من المهارة وخفة اليد وهو المسمى «الطرار» (٣) كما يتناول بحسب الظاهر النباش الذى يسرق أكفان الموتى فى قبورهم، لكن فى اختصاص من يسرق الناس فى يقظتهم باسم الطرار، وفى اختصاص من يسرق الأكفان باسم النباش جعل لفظ السارق خفى المعنى بالنسبة إليهما، لأن انطباق معناه عليهما.

لا يفهم من نفس اللفظ، بل لا بدّ له من أمر خارجى. فتسمية الطرار والنباش بهذا الاسم، أورثت شبهة فى صدق لفظ السارق عليهما، واحتيج فى معرفة ذلك إلى شىء من البحث والتأمل.

وقد بحث العلماء فى هذا فوجدوا أن الطرار سمى بهذا الاسم الخاص لزيادة معناه عن معنى السارق، لأن السارق يسرق الأعين النائمة وهذا يسارق الأعين المتيقظة، ومن ثم اتفقوا على تطبيق حكم السارق عليه (٤).

أما النباش فقد اختص بهذا الاسم لنقصانه فى معنى السرقة، لأنه لا يأخذ مالا مرغوبا فيه من حرز أو حافظ، لأن القبر لا يصلح أن يكون حرزا، والميت لا يصلح حافظا فلا يتناوله لفظ السارق، فلا يقام عليه


(١) سورة المائدة الآية: ٣٨.
(٢) مغنى المحتاج ٤/ ١٥٨.
(٣) الطرار هو الذى يشق كمّ الرجل ويأخذ ما فيه فهو مأخوذ من الطر وهو القطع والشق- لسان العرب ٣/ ٢٦٥٤ - .
(٤) المحرر فى الفقه ٢/ ١٥٦، والمجموع ٢٠/ ٧٥.

<<  <   >  >>