للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا كان البيان بدليل ظنى سواء كان ظنى الثبوت فقط، أو ظنى الدلالة فقط أو ظنى الثبوت والدلالة فإنه فى هذه الحالة يلتحق المجمل بالمؤول، لأن البيان بالدليل الظنى لا يكفى وحده لإزالة الإجمال، بل يبقى اللفظ محتملا للتأويل، ويكون الشارع بهذا البيان قد فتح الطريق أمام المجتهدين للتأويل بالبيان والنظر ومن ذلك أن مسح الرأس فى الوضوء جاء مجملا فى مقدار ما يمسح وقد بينه ما روى أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح ناصيته (١).

لكن يلاحظ أن هذا الحديث المبين لمقدار ما يمسح حديث ظنى لا قطعى. وأما إذا لم يكن البيان وافيا التحق المجمل بالمشكل، وانفتح باب الاجتهاد لبيانه، لأنه حيث لم يبين الشارع المعنى فمقتضاه أن يترك أمر بيانه للمجتهد فيصير حكمه حكم المشكل وهو الطلب، والبحث عن القرائن للوقوف على المعنى المراد.

مثال ذلك: قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا (٢).

وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً (٣).

فلفظ الربا جاء فى القرآن مجملا وقد ورد فى السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فى بيان الربا: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والملح بالملح والتمر بالتمر مثلا بمثل سواء بسواء بدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد» (٤).

فهذا الحديث الشريف ظنى، ولم يحصر الربا فى هذه الأنواع الستة


(١) الناصية: قصاص الشعر فى مقدم الرأس- لسان العرب ٥/ ٤٤٤٧ - . والحديث أخرجه مسلم فى صحيحه ١/ ١٣٠
(٢) سورة البقرة الآية: ٢٧٥.
(٣) سورة آل عمران الآية: ١٣٠.
(٤) أخرجه مسلم فى صحيحه عن أبى سعيد الخدرى ١/ ٦٩٢.

<<  <   >  >>