للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تناول فى تفسيره الذى ألفه دعاوى النسخ فى القرآن، فأولها ووفق بينها على وجه لا يمكن معه- على حد قوله- أن يكون هناك تعارض بينها فأوّل ما رآه الجمهور نسخا على أنه من باب انتهاء الحكم لانتهاء زمانه ومثل هذا لا يعتبر نسخا.

والحق أن الباحثين قد اضطربت أقوالهم فى تبين حقيقة ما ذهب إليه أبو مسلم نتيجة لاضطرابات النقل عنه، والصحيح فى النقل عنه وهو ما يليق به كعالم مسلم أن النسخ واقع بين الشرائع بعضها مع بعض والإسلام ناسخ للشرائع كلها، ولكنه ينكر وقوع النسخ فى الشريعة الواحدة واستدل على هذا الإنكار بقوله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (١).

وسأقوم بعون الله تعالى بذكر وجه استدلاله بهذه الآية عقب ذكر أدلة الجمهور.

وبعد هذا البيان عن المثبتين للنسخ والمنكرين له يظهر لنا أن المذاهب فى النسخ خمسة هى:

١ - جائز عقلا وواقع شرعا فى الشريعة الواحدة وبين الشرائع المختلفة وهذا هو مذهب جمهور المسلمين ما عدا أبا مسلم الأصفهانى.

٢ - جائز عقلا وواقع سمعا بين الشرائع المختلفة وغير واقع فى شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا هو رأى أبى مسلم.

٣ - جائز عقلا وواقع سمعا وشريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم غير ناسخة لشريعة سيدنا موسى عليه السلام، وهذا مذهب


المصنفات الجامعة توفى رحمه الله سنة ٣٢٢ هـ- معجم المؤلفين لكحالة ٩/ ٩٧ - ط: بيروت.
(١) سورة فصلت الآية: ٤٢.

<<  <   >  >>