للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حين يعلم أن ذلك مصلحة. كما لا يمتنع أن يعلم الإنسان أن الرفق مصلحة ابنه وعبده- اليوم- والعنف مصلحته فى غد: فيأمر عبده بالرفق به فى اليوم وبالعنف به فى الغد».

كما استدل الشمعونية على الثانى- المحال الشرعى- بأن الشرع لا يأتى بما يحيله العقل. وقد أبطل الجمهور هذا بأنه قد ثبت بالأدلة القاطعة أن النسخ جائز عقلا وأنه ليس محالا.

هذا وبعد ذكر المذاهب فى النسخ يتضح لنا جليا ما يلى:

أولا: مذهب الجمهور الذى يرى أن النسخ جائز عقلا وواقع شرعا هو الراجح لقوة الأدلة وسلامتها مما يعارضها.

ثانيا: الخلاف بين أبى مسلم الأصفهانى والجمهور خلاف لفظى فقط، لأنه يرى ما يراه الجمهور من أن النسخ جائز عقلا، وأن شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لجميع الشرائع، ولكن ما يسميه العلماء نسخا فى الشريعة الواحدة يسميه هو تخصيصا.

ثالثا: أفكار النسخ عند فرق اليهود الثلاث ليست غاية، وإنما هى وسيلة لأن الغاية هى إنكار رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

فإن أعجزهم إدراك هذه الغاية فلا أقل من إنكار أنهم مطالبون بتصديقه واتباعه فيما جاء به صلى الله عليه وسلم. وأما النصارى فقد أنكروا جواز النسخ عقلا ووقوعه شرعا ليصلوا من هذا الإنكار إلى غاية حرصوا على تحقيقها. هى بقاء دينهم إلى جانب الإسلام بحجة أن شريعة ما لا تنسخ بشريعة وأن حكما فى شريعة لا ينسخ بحكم فى شريعة أخرى بعدها.

هذا: وما قاله الجمهور ردا ودحضا لمزاعمهم فيه الكفاية والله أعلم.

<<  <   >  >>