للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهره، وهو إنما يستعمل فى التطوع دون الفرض. وأيضا قال الله تعالى فى الآية الثانية:

أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ وهذا يزيل ما فى الأمر الأول من احتمال الوجوب. انظر إلى قوله تعالى:

فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ هذا: وقد قال بعض العلماء إن الآية الثانية بيان للمراد من الصدقة الواردة فى الآية الأولى، وأن الصدقة لا يلزم أن تكون مالية زائدة عما يجب، بل يكفيهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

والقول بأن هذا ضرب من التكلف فى التأويل يأباه ما هو معروف من معنى الصدقة حتى أصبح لفظها حقيقة عرفية فى البذل المالى وحده قول مردود، لأن الصدقة فى الشرع أعم مما هو فى عرف الناس ففي الحديث الصحيح: «كل سلامى من الناس عليه صدقة. كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة وتعين الرجل فى دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعة صدقة والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة وتميط الأذى عن الطريق صدقة» (١).

وعن أبى ذر رضى الله عنه أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور. يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم.

قال: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون؟ إن بكل تسبيحة


(١) أخرجه البخارى فى صحيحه ٢/ ١١٤.
ومسلم فى صحيحه ١/ ٤٠٤.

<<  <   >  >>