للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب: نعم. فقد تختلف الأحكام نتيجة لاختلاف القراءات ومن أمثلة ذلك ما يلي:

(١) قال تعالى:

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ (١) فلفظ (يطهرن) قرأه بالتشديد

حمزة والكسائى وشعبة، وقرأه بالتخفيف ابن عامر وحفص (٢)، ونتيجة لاختلاف القراءتين اختلف الحكم فى نظر الفقهاء، لأنه بالقراءتين يبدو أن هناك فى الظاهر تعارضا، حيث إن القراءة بالتخفيف تقتضى- كما قال الشيخ عبد العزيز البخارى الحنفى (٣) - أن يحل القربان بانقطاع الدم، سواء انقطع على أكثر مدة الحيض أو على ما دونه، لأن الطهر عبارة عن انقطاع دم الحيض، يقال:

طهرت المرأة إذا خرجت من حيضها (٤).

والقراءة بالتشديد تقتضى أن لا يحل القربان قبل الاغتسال، سواء كان الانقطاع على أكثر مدة الحيض أو على ما دونه، كما ذهب إليه الإمام الشافعى رحمه الله (٥) - لأن التطهر هو الاغتسال والقول بهما غير ممكن لأن حتى للغاية (٦) وبين امتداد الشيء إلى غاية وبين اقتصاره دونها تناف، فيقع التعارض ظاهرا لكنه يرتفع باختلاف الحالين، أى بأن تحمل كل واحدة من القراءتين على حال، فتحمل القراءة بالتخفيف على الانقطاع على أكثر مدة الحيض، لأنه انقطاع بيقين وحرمة القربان تثبت باعتبار قيام الحيض، لأنه تعالى أمر باعتزالهن


(١) سورة البقرة: ٢٢٢.
(٢) الوافى فى شرح الشاطبية ٢١٩.
(٣) كشف الأسرار ٣/ ٩١.
(٤) مختار الصحاح ٢٩٨.
(٥) مغنى المحتاج ١/ ١١١.
(٦) الغاية انتهاء الشيء وتمامه- أحكام القرآن لابن العربى ١/ ١٦٤.

<<  <   >  >>