للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أنه جائز، ولكن لم يرد. وذهب قوم إلى امتناعه ونقل عن الشافعى رضى الله عنه. وقد استنكر جماعة من العلماء ذلك من الشافعى حتى قال الكيا الهراسى: هفوات الكبار على أقدارهم ومن عد خطؤه عظم قدره.

وقد كان عبد الجبار بن أحمد كثيرا ما ينصر مذهب الشافعى فى الأصول والفروع، فلما وصل إلى هذا الموضع قال: هذا الرجل كبير لكن الحق أكبر منه. قال: والمغالون فى حب الشافعى لما رأوا هذا القول لا يليق بعلو قدره كيف وهو الذى مهد هذا الفن ورتبه، وأول من أخرجه قالوا: لا بدّ أن يكون لهذا القول من هذا العظيم محمل فتعمقوا فى محامل ذكروها وأورد الكيا بعضها.

واعلم أنهم صعبوا أمرا سهلا وبالغوا فى غير عظيم، وهذا إن صح عن الإمام الشافعى رضى الله عنه فهو غير منكر، وإن جبن جماعة من الأصحاب عن نصرة هذا المذهب فذلك لا يوجب ضعفه ...

قال القاضى فى مختصر التقريب: واختلف الذين منعوا نسخ القرآن بالسنة فمنهم من منعه عقلا، ومنهم من قال يجوز (١) عقلا، وإنما امتنع بأدلة السمع. قال القاضى: وهذا هو الظن بالشافعى رحمه الله مع علو مرتبته فى هذا الفن. قلت- والكلام للسبكى-: وهذا هو الذى قاله فى الرسالة (٢) فإنه قال فى باب ابتداء الناسخ والمنسوخ: وأبان الله لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب وأن السنة لا ناسخة للكتاب، وإنما هى تبع للكتاب.

ثم قال: وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسخها إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أحدث الله لرسوله صلى الله


(١) قال الدكتور/ محمد حسن هيتو فى تعليق على المنخول ١٩٣ «والحق فى ذلك أن الشافعى رضى الله عنه لم يمنع منه عقلا. بل لم يتكلم فى كتبه قط على الجواز العقلى».
(٢) الرسالة ١٠٦، ١٠٨.

<<  <   >  >>