للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهما احتمالان، وإنما لا يكون حجة بتقدير كونه مذهبا له، وهو احتمال واحد، ولا يخفى أن وقوع احتمال من احتمالين أغلب من وقوع احتمال واحد بعينه.

سلمنا أنه ليس بقرآن، وأنه متردد بين الخبر وبين كونه مذهبا له، إلا أن احتمال كونه خبرا راجح لأن روايته له موهم بالاحتجاج به، ولو كان مذهبا له لصرح به نفيا للتلبيس (١) عن السامع المعتقد كونه حجة مع الاختلاف فى مذهب الصحابى (٢) هل هو حجة أولا؟

هذه هى وجهة السادة الحنفية رضوان الله عليهم، والحق أن ما قالوه فيه نظر، وذلك لأن القرآن هو المعجزة الدالة على صدقه صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فيجب تبليغه وتمليته على عدد تقوم الحجة بقولهم.


(١) لبس عليه الأمر خلط وبابه ضرب يقال فى الأمر لبسة- بالضم- أى شبهة يعنى ليس بواضح- المختار ٥٩٠.
(٢) المراد من مذهب الصاحبى هو ما اختاره فى المسألة الاجتهادية التى لم يرد فيها نص، ولم يحصل عليها إجماع. وقد اتفق العلماء على أن مذهب الصحابى لا يكون حجة على غيره من الصحابة المجتهدين، لأن الصحابة أجمعوا على جواز مخالفة بعضهم بعضا فى الاجتهاد. واختلفوا فى كونه حجة على التابعين ومن بعدهم:
فذهبت الأشاعرة والمعتزلة والإمام الشافعى فى أحد قوليه، والإمام أحمد فى إحدى الروايتين عنه إلى أنه ليس بحجة.
وذهب الإمام مالك وأئمة الحنفية والإمام الشافعى فى قول له والإمام أحمد فى رواية أخرى إلى أنه حجة مقدمة على القياس.
واختار الآمدى القول بعدم حجيته مطلقا على أساس أن قول الصحابى ليس حجة على غيره فى أصول الدين فلا يكون حجة عليه أيضا فى فروعها.
وهذا الخلاف فى قول الصحابى إنما هو فيما يمكن فيه الرأى يعنى فى حكم يمكن إثباته بالقياس وهو حينئذ ملحق بالسنة أما الذى لا يدرك بالرأى فلا خلاف فيه لأنه كالمرفوع- الأحكام للآمدى ٣/ ١٩٥، والإبهاج ٣/ ١٢٧، وحاشية ابن الحلبى على شرح المنار ٦٧٤، وتخريج الفروع على الأصول للزنجانى ٨٣، وتيسير التحرير ٣/ ١٣٢.

<<  <   >  >>