للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذه الأمة لعجزت تماما عن حفظه وفهمه، فاقتضت حكمته. جل شأنه أن ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم مفرقا ليسهل عليهم حفظه ووعيه وفهمه.

الحكمة الثالثة: مسايرة الحوادث والطوارئ فى تجددها وتفرقها. فكلما جدّ منهم جديد نزل من القرآن ما يناسبه، وفصّل لهم الله من أحكامه ما يوافقه، وتنظيم هذه الحكمة أمورا أربعة:

أولها: إجابة السائلين على أسئلتهم عند ما يوجهونها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء أكانت تلك الأسئلة لغرض التثبت من رسالته كما قال تعالى فى جواب سؤال أعدائه: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (١). أم كانت لغرض التنور ومعرفة حكم الله كقوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (٢).

ثانيها: مجاراة الأقضية والحوادث فى حينها ببيان حكم الله فيها عند حدوثها، ومعلوم أن تلك الأقضية والحوادث لم تقع جملة واحدة، وإنما وقعت متفرقة. ومن ثم كان لا مفرّ من نزول القرآن مفرقا على حسب هذه الأقضية والوقائع ومن الأمثلة على ذلك:

قول الله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ (٣) الآيات.

فقد نزل صدر سورة المجادلة فى حق خولة بنت ثعلبة، حين رفعت شكواها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم إلى الله فى حق زوجها أوس بن الصامت حين ظاهر منها (٤).

ثالثها: لفت أنظار المسلمين إلى تصحيح الأخطاء التى كانوا يخطئون فيها.


(١) سورة الاسراء الآية: ٨٥.
(٢) سورة البقرة الآية: ٢١٩.
(٣) سورة المجادلة الآية: ١.
(٤) أسباب النزول للنيسابورى ٢٣١ ط: الحلبى

<<  <   >  >>