أمكن تحقيقه فى الترجمة بالنسبة إلى كل ما يفهم من معانى القرآن الأصلية، فهو لا يمكن تحقيقه بالنسبة إلى كل ما يفهم من معانى القرآن التابعة، لأنها مدلولة لخصائصه العليا التى هى مناط إعجازه البلاغى.
وكذلك مقصد القرآن الثانى وهو كونه آية لا يمكن تحقيقه فيما سواه من كلام البشر عربيّا كان أو عجميّا وإلا لما صح أن يكون آية خارقة حين تناول هذا المقصد قدرة البشر. ويجرى هذا المجرى مقصد القرآن الثالث وهو كونه متعبدا بتلاوته، فإنه لا يمكن أن يتحقق فى الترجمة لأن ترجمة القرآن غير القرآن قطعا، والتعبد بالتلاوة إنما ورد فى خصوص القرآن وألفاظه عينها بأساليبها وترتيباته نفسها دون أى ألفاظ أو أساليب أخرى، ولو كانت عربية مرادفة لألفاظ الأصل وأساليبه.
ثانيا: أن ترجمة القرآن بهذا المعنى مثل للقرآن، وكل مثل للقرآن مستحيل. أما أنها مثل للقرآن فلأنها جمعت معانيه كلها ومقاصده، والجامع لمعانى القرآن ومقاصده مثل له. وأما أن كل مثل للقرآن مستحيل فلأن القرآن تحدى العرب أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه فعجزوا عن المعارضة والمحاكاة، وهم يومئذ أهل البلاغة والبيان وأحرص ما يكونون على الفوز فى هذا الميدان. وإذا كان هؤلاء قد عجزوا فغيرهم ممن هم دونهم بلاغة وفصاحة أشد عجزا، وكيف لا يقال: إن الترجمة بهذا المعنى مستحيلة، ولا بد فيها من الأمور الستة التى ذكرتها عند الكلام على تقسيم الترجمة؟
وقد قلت إن الترجمة الحرفية لا بدّ فيها من أمرين هما:
١ - وجود مفردات فى لغة الترجمة مساوية لمفردات القرآن.