للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - لما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضى الله عنه إلى اليمن قال له: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيى ولا آلو (١).


(١) معنى آلو: الأول: الرجوع آل الشيء يؤول أولا ومالا: رجع (لسان العرب ١/ ١٧١). والحديث أخرجه أبو داود فى سننه فى كتاب الأقضية ٢/ ٢٧٢.
والترمذى فى سننه وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده ليس بمتصل ٣/ ٦٠٨.
وقال الشيخ الألبانى: إنه قلّما يخلو منه كتاب من كتب أصول الفقه مع أنه ضعيف الإسناد- منزلة السنة فى الإسلام له ١٥.
والحق أن الحكم عليه بالضعف ليس بالأمر الهيّن. حيث إن العقل يستبعد أن يذكر هذا الحديث فى جميع كتب الأصول وهو ضعيف ولا يتنبه إلى ذلك أحد من الأصوليين، ولعل الشيخ الألبانى اطلع على ما ذكره الترمذى من قوله- لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده ليس بمتصل- فحكم بضعفه.
وواضح أنه لا يستساغ الحكم على الحديث بالضعف بمجرد أن فى السند الذى أعرفه مجهولا مثلا إذ ربما ذكر الحديث بطريق آخر بيّن فيه هذا المجهول.
وها هو الحافظ ابن كثير يقول بعد أن ساق الحديث: وهذا الحديث فى المساند والسنن بإسناد جيد- تفسير ابن كثير ١/ ١٣.
ومبلغ علمى- والله أعلم- أن الاعتراض على حديث معاذ سببه أن الرواية المشهورة لم تسمّ من روى الحديث عن معاذ وسند الحديث كما ذكره العلامة ابن قيم الجوزية فى أعلام الموقعين ١/ ٢٤٢ - ٢٤٤ ما يلى: قال شعبة يعنى ابن الحجاج حدثنى أبو عون عن الحرث بن عمرو عن أناس من أصحاب معاذ عن معاذ.
قال ابن قيم: فهذا حديث وإن كان عن غير مسمّين فهم أصحاب معاذ فلا يضره ذلك لأنه يدل على شهرة الحديث، وأن الذى حدث به الحرث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم، وهذا أبلغ فى الشهرة من أن يكون عن واحد منهم ولو سمّى. كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحلّ الذى لا يخفى ولا يعرف فى أصحابه منهم ولا كذاب ولا مجروح بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم.
أضف إلى ذلك أن شعبة حامل لواء هذا الحديث وقد قال بعض أئمة الحديث: إذا رأيت شعبة فى إسناد فاشدد يديك به.
وقد قيل كما ذكر ابن قيم: إن عبادة بن نسىّ رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن

<<  <   >  >>