لقد نسي أولئك الملاحدة أو تناسوا عمدا أن الذين أقبلوا على الفوضى الجنسية وقطع العلاقات الأسرية نسوا أن هؤلاء يعيشون عيشة ملؤها القلق والاضطراب والأمراض العصبية مع توفر كل ما يطلبونه من المتع الجنسية ومن المال أيضا وإلا لماذا يبادر أولئك إلى الانتحار المتتابع – وما أكثره في أوروبا – بين الرجال والنساء والأحداث وما أكثر ما يتأوه عقلاؤهم من أوضاعهم التي تزداد سوءا كلما ازداد تفكك الأسر وفشت الجرائم تحت تسمياتهم الخادعة (حرية، مساواة، ديمقراطية .. الخ) ما خدعوا به الناس وأخرجوهم عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها إلى الشقاء وتأنيب الضمير.
ومثل ذلك التفسير السخيف بقيام الأسر تجده تماما في تفسيرهم للحفاظ على الأمور الجنسية والقيم والعادات المتعلقة بذلك من العفة وغض النظر وحفظ الفرج بأنها عقبات وأن السبب في كل هذه العقبات أمام شيوعية الجنس إنما يعود إلى المجتمع الزراعي حيث أن الرجل يغار على زوجته وابنته بدافع سيطرته وامتلاكه لأمور البيت الاقتصادية فهو المكتسب وهو الذي يتعامل مع الحياة كلها في خارج البيت بينما تكون المرأة حبيسة البيت ليس بيدها أي مصدر إلا عن طريق الرجل وهنا فرض الرجل على المرأة العفة قبل الزواج وبعده وأن تكون له وحده حين يتزوج بها ومن هنا أصبحت العفة فضيلة خلقية واجتماعية مهمة في مثل هذه المجتمعات، ولكن حينما ظهر المجتمع الصناعي لم يعد الرجل يفرض على المرأة تلك العادات والأخلاق الجنسية بسبب انقلاب الأمور الاقتصادية حيث دخلت المرأة ميدان التكسب والعمل والوظيفة وصارت تملك المال الذي حررها من قبضة الرجل فلم يعد يملك مطالبتها بالعفة لا قبل الزواج ولا بعده ولا أن يطالبها بأن تكون له وحده فهي زميلة في العمل وقد تملك من المال أكثر مما يملك ولها حق التصرف بحرية تامة في مالها وفي نفسها دون أي اكتراث بالعفة أوالفضيلة فقد تحررت في المجتمع الصناعي لتغير الأحوال الاقتصادية فلم تعد كما كانت في المجتمع الزراعي عالة على الرجل في كل شيء وبهذا التفسير الإلحادي الشيوعي لا يبقى مجال للقول بأن العفة والأخلاق نشأت عن أمر إلهي أو ديني بل عن أمر اقتصادي والقارئ يدرك تماما أن هذه الافتراضات إنما هي أكاذيب وخيالات، فإن أمر الحفاظ على العفة وسائر القيم أمر فطري في الإنسان وفي سائر الحيوانات التي لا تهتم بالأمور الاقتصادية فترى ذكر الحيوان يغار على أنثاه ويدافع عنها وترى الأنثى تحترم الذكر وتعطف على أولادها سواء أكانت تملك قوتها أو لا تملكه، وقد أخبر الله عز وجل عن وجود هذه الأمور في نفوس الناس منذ أن أوجدهم ولهذا لا يمكن أن تجد امرأة مستغنية عن الرجل مهما كان مالها ولا الرجل كذلك يستطيع أن يستغني عن المرأة مهما كان ماله، فطرة الله التي فطر الناس عليها، فالسعادة ليست فقط في وجود المال بل قد يكون المال مصدر شقاء لصاحبه ولك أن تسأل ماذا حصل للرجل والمرأة حينما دخلا معترك الحياة وصار كل يحتطب لنفسه من المال ما يستطيع الحصول عليه، ومباح لكل منهما أن يعاشر من يريد عن طريق الإباحية الجنسية، أليس كل واحد منهما أحس بأن الحياة في هذا السلوك رخيصة لا تساوي شيئا فرجعا إلى رباط الزوجية ليجدا فيه الأنس والراحة النفسية التي فقداها عن طريق الإباحية أو المال؟