للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمخلوق لابد له من خالق، والأثر لابد له من مُؤَثِّر، والمحدَثُ لابد له من مُحْدِث، والمُوْجَدُ لابد له من مُوجِد، والمصنوع لابد له من صانع، والمفعول لابد له من فاعل. هذه قضايا واضحة تُعرف في بداهة العقول، ويشترك في العلم بها جميع العقلاء، وهي أعظم القضايا العقلية؛ فمن ارتاب بها فقد دل على اختلال عقله، وبرهن على سفهه وفساد تصوره (١).ومن نظر في كتاب (الله يتجلى في عصر العلم) الذي كتبه ثلاثون من علماء الطبيعة والفلك ممن انتهت إليهم الرياسة في هذه الأمور، وكتاب (الإنسان لا يقوم وحده) لكريسي موريسون رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك، وتُرجم إلى العربية بعنوان: (العلم يدعو إلى الإيمان) - يدرك أن العالِم الحقيقي لا يكون إلا مؤمناً، وأن العامي لا يكون إلا مؤمناً، وأن الإلحاد والكفر لا يكون إلا من المكابرين المعاندين، ومن بعض أنصاف العلماء وأرباع العلماء، ممن تعلم قليلاً من العلم المادي وخسر بذلك الفطرة المؤمنة ولم يصل إلى العلم الذي يدعو إلى الإيمان (٢).

وبهذا يتبين لنا أن العقل يدل على وحدانية الله، وعلى بطلان دعاوى الشيوعية، وسفاهة عقولهم.

إن الشيوعية خرافة، وشرط الخرافة أن تلغي عقلك تماماً، وتستسلم لتعاليم سادتها. يقول ريتشارد كروسمان في مقدمة كتاب (الصنم الذي هوى) (٣): فإن من يدخل الشيوعية يُخْضِع روحه لشريعة الكرملين (٤) ويحس في ذلك شيئاً من الخلاصِ. وإذا تم هذا فإن العقل - بدلاً من أن يعمل ويفكر بحرية- يصبح عبداً للغاية التي لا تناقش، ولا تعارض، ويصبح إنكار الحقائق الواضحة شعيرة وعبادة (٥).

٣ - الفطرة: فالفطرة تدل على بطلان الشيوعية؛ فكل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه.


(١) انظر تفصيل ذلك في ((المذاهب المعاصرة)) (١٧٣ - ١٧٧) و ((الكيد الأحمر)) (٢٧٦ - ٣٣٢).
(٢) انظر ((نقد أصول الشيوعية)) (ص٤٠)، و ((الإسلام والشيوعية)) د. عبد العزيز كامل (٣ - ٤)، و ((حكم الاشتراكية في الإسلام)) للشيخ عبد العزيز البدري (ص٥٨) , و ((الشيوعية خلاصة ضروب الكفر والموبقات)) للأستاذ أحمد عبد الغفور عطار (ص٣١ - ٣٢) , و ((الإلحاد أسباب هذه الظاهرة وطرق علاجها)) للشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق (١٠ - ١٨) , و ((بعض أسباب الإلحاد)) د. عبد الحليم أحمدي, و ((رسائل في العقيدة)) للكاتب (٤٤ - ٤٦).
(٣) انظر ((الأدلة والقواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين)) للشيخ عبد الرحمن ابن سعدي ضمن مجموعة الشيخ ابن سعدي (الجزء الخامس المجلد الثاني/ ص ٣٧٤).
(٤) ([٤٩٠]) ((التطور والدين))، (ص٢٢).
(٥) ([٤٩١]) ((مقدمة في الفكر السياسي)) (ص١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>