للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الإسلام يعتبر الفكر الماركسي في ناحيته الاقتصادية فكرا فاشلا مخالفا للعقل والفطرة السليمة وأنه قام على نظريات جاهلية أخطأت الطريق الصحيح للاقتصاد النافع وبدلا من أن توجه جهود المجتمع لمساعدة بعضهم بعضا إذا بها تحرم الملكية الفردية وتشمل مكامن البغضاء وتثير الصراعات الطبقية بحجة سخيفة وهي لترتفع الطبقة الكادحة بزعمهم ولكي لا تتكدس الأموال في ناحية دون أخرى وعند قوم دون آخرين وكل ذلك ليس هو الحل الصحيح ولا الحل الذي تستقيم به الحياة وتسعد الشعوب به فهو مرفوض جملة وتفصيلا ويعتبره الإسلام تدخلا فيما لا ينبغي للبشر سلوكه فالناس كلهم عبيد لله في الإسلام والمال مال الله والرزق بيد الله يؤتيه من يشاء لا يجره حرص حريص ولا ترده كراهية كاره. فالملكية الفردية حق اقتضته الفطرة والضرورة لصلاح الأحوال وعلى الجميع أن يعضد بعضهم بعضا بالتي هي أحسن فلا صراع ولا بغي ولا عدوان، ولم يجعل الإسلام للشخص مطلق الحرية في أمواله ينفقها بإسراف أو يمسكها كما يحلو له، بل هو محاسب عليها ومسؤول عنها وعليه حقوق فيها يجب أن يؤديها وإذا كان في الأغنياء من طغى وتجبر فهؤلاء لهم ما كسبوا وعليهم ما اكتسبوا وسينالون جزاءهم ولا يبرر فعلهم محاربة الملكية الفردية أو قيام الصراع الطبقي بين المجتمعات كما أن في أولئك التجار من اتصف بالعطف والتسامح ومساعدة المحتاجين دون منة ولا أذى والحكم على طبقة الأغنياء بأنهم احتكاريون وانتهازيون وأنهم هم العقبة الكؤود في طريق غنى الفقراء وارتفاع معيشتهم إن هي إلا خرافات سخيفة وأوهام باطلة وقد دلت التجارب الشيوعية على فشل هذه الفكرة الخاطئة حين أفقرت الأغنياء وأتعست الفقراء وملئت القلوب حقدا وغضبا وأتعست الحالة الاقتصادية ونشب الصراع الطبقي على أشده دون رحمة، وفي التاريخ الإسلامي أمثلة مشرفة للمجتمع حينما تصفوا القلوب وتزول البغضاء فقد كان في الصحابة رضوان الله عليهم أغنياء وفيهم فقراء. وكان أحدهم يقول لصاحبه عندي زوجتين انظر أعجبهما إليك فأطلقها وتتزوجها وعندي من الضياع كذا وكذا أتنازل لك عن نصفها فيقول له الصحابي الفقير المهاجر بارك الله لك في مالك وأهلك دلني على السوق فيذهب ويعمل ويرزقه الله تعالى وكان فيهم من يملك الأموال الكثيرة مثل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ولم ينقم عليه أحد فيها وقد أنفق عثمان رضي الله عنه ألف بعير في سبيل الله وغير ذلك من الأمثلة المشرقة التي قام عليها الإسلام بعيدا عن الصراعات الطبقية البغيضة، ذلك أن الإسلام يعالج المشلكة القائمة دون النظر إلى أسبابها كما أنه يأتي بالحلول التي لا مضرة فيها على أحد إذ لا ضرر ولا ضرار، بينما الشيوعية الحمراء عالجت المصائب بمصائب أفدح منها.

داويت متؤدا وداووا طفرة وأخف من بعض الدواء الداء مع إن ما أقدمت عليه الشيوعية في الأحوال الاقتصادية ليس فيه أي دواء، بل هو الداء بعينه وهو الذي خنق الحريات، فالسجون مملوءة والجواسيس منتشرون والمجاعة فاشية. إنه سجن كبير وقبضة حديدية فالشعوب غاضبة ولكن الويل لمن تفوه بكلمة نقد، وأين هذا السلوك من حرية الإسلام التي "كان الرجل يقول لمعاوية: "والله لتستقيمن بنا يا معاوية أو لنقومنك فيقول بماذا؟ فيقولون بالخشب (١)، فيقول: إذا أستقيم" (٢).


(١) ([٥١٣]) ((مجلة التوحيد)) (ص ٢١) السنة الثلاثون العدد الثاني عشر ذو الحجة ١٤٢٢هـ، وقد نقل النص المذكور عن ((جريدة الخليج)) في عددها الصادر بتاريخ ٧/ ١١/١٤٢٢هـ نقلا عن وكالات الأنباء.
(٢) ([٥١٤]) من أين له هذا التحديد؟! ونحن نصدقه في أن للكون بداية لكن لا نعرف تحديدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>