فات عن نظر الدولة ان العشيرة تزرع بقوتها، وتستغل الارض بنفسها، وحافظت عليها بدماء أبنائها ... فلا يصح بوجه أن تنتزع منها وتعطى الى الرئيس وحده، وتحرم العشيرة من أراضيها أي الفلاحين العاملين. فاذا لم تتمكن من ذلك وجب أن تترك ذلك الى حين قوتها وتمكنها، ولا تهمل أمر أصحاب الحقوق من الفلاحين والزراع على أن لا تحرم الرئيس من نصيب أوفر لما عليه من كلفة وما يناله من عناء باعتبار انه المقصود والمطالب بالكلف. وانه الناظم ...
الاراضي ملك العشيرة. فلا يلاحظ المتصرف ليظهر التغلب. وانما يجب ان يحقق عن أراضي العشيرة فتوزع بين أفرادها، وان يزاد بنسبة عادلة فى نصيب الرئيس. وبهذا يكون التوزيع عادلا.
لا يزال عندنا التغلب جاريا، والتحكم مستحوذا. وليس فى هذا تقليل نفوذ الرؤساء وانما يجب أن يأكلوا بالمعروف، وأن لا يتغلبوا على عشيرتهم ويستأثروا بما هو لها. وهذا لا يتأتى الا بالتفاهم مع الرؤساء، وان يكون لهم نصيب معين لا يتجاوزونه وتحديد ذلك ضروري بالوجه المذكور فى المجلد الثالث. كما انه ليس من الصواب عد قانون التسوية وسيلة لاخضاع العشائر للرؤساء أو للدولة، أو عدم انقيادها للرؤساء بحيث تثيرهم على الرؤساء. والعدل أولى وقبول الطرفين بما هو الاحق والاجدر.
كل هذا أي موضوع الاثارة توهم. ومبناه ابقاء التحكم. والفلاح هو المنتج فى الارض، فوجب أن ينال نصيبه من الارض مثل ما نال الرئيس بل أكثر. لانه العامل الوحيد ... وهذا لم نره، بل قوى النفوذ، وزاد فيه كثيرا. وليس فى استطاعة الحكومة التغلب على هذا النفوذ، فكان الاولى أن تعطله فى بعض المناطق المتغلبة الى أن تتمكن من التسلط والا فالفائدة المرجوة من القانون لم تنل مرادها.
والملحوظ ان المشاريع الجديدة والتى لم تجر تسويتها يجب أن تحدد فيها الملكية وحقوق صاحب اللزمة والزراع والغارس بصورة مماثلة للوجه المبيّن اعلاه ...
والمهم أن تبدأ الدولة فى أمر الضرائب بأن لا تتجاوز العشر ليتهيأ للفلاح أن يقوم بأوده ويتلافى حاجياته، ويتمكن من تربية أطفاله ... وبهذا مصلحة تعاونية للدولة، فيشارك فى المشاريع ويقوم بأمر الصحة والثقافة، وتربية المواشي، وزرع الارضين.
يضاف الى ذلك ان ما يحتاجه الزراع خلال السنة يجب أن يوفر له بأن يسلم من المرابين وان يقضي على حاجة الزراع فلا يترك المجال لان يشاركه من يقوم بالبذور والدواب للحرث مما يضر به كثيرا. ومثل هذه يجب ان تراقب من الادارة بعناية ...
٨ - العرف العشائري ان الزراع يريدون أن ينالوا من كدهَم، وتعهد عملهم، ولكن التكاتف للمناصرة وتكوين القوة ولَدا الطمع فى العشائر وفى الرؤساء وصاروا يراقبون الاطراف، ويأخذون التسيار ويشوشون الامن فى غالب الاحيان وتظهر المقارعات الكبيرة بين العشائر، وبينها وبين الحكومة فى عهودها القديمة. ويتكون النهب والسلب اجماعيا من العشيرة أو من جملة عشائر ...
وفى هذه الايام قويت الدولة بأسلحتها الجديدة على العشائر فتمكنت من اخضاعها، وربما ضربتها لمرات ضربات موجعة حتى ثاب اليها رشدها، وصحت من سكرتها ...
وتكونت مديرية عامة للعشائر، وتوزعت أوضاعها مما يتعلق بحسم نزاع الاراضي. وما يخص النزاع العشائري أو الحوادث بين أفراد عشيرة، أو أفراد عشيرة وأخرى ... وبذلك صار يقوم كل قسم بمهمته مراجعا فى صور الحل المدير العام ...
وكان الوضع الاداري مشوشا. وبذلك التوزيع للاعمال توضح عمل كل، وصار يطالب بما أودع اليه. وهكذا كان الآمر فى حل القضايا العشائرية وانتزعت قضايا المواد الشحصية لانها شرعية صرفة، ومسائل التسوية بعد اجراء التحديد بموجب قانونها، فقلَت أعمال قضايا العشائر. وكادت تنحصر فى القضايا الكبرى بين عشيرة وأخرى ...
واذا كانت الروح الادارية لا تزال متشبعة فى علاقات العرف فان انتظام المحاكم وتوسعها بلا شك سيدعو الى التغلب وأن تتولى حسم النزاع. فالعشائر اليوم غيرهم بالامس.