للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن البدع المنكرة بلا خلاف كتب الأوراق التى يسمونها حفائظ في آخر جمعة من رمضان (الجمعة اليتيمة) حال الخطبة لما فيها من الإعراض عن استماع الخطبة، بل والتهويش على الخطب وسامعيه وذلك ممنوع شرعًا كما لا يخفى ولا خير فيه ولا بركة له، فإنما يتقبل الله من المتقين لا من المبتدعين، وقد يكتب فيها كلمات سريانية قد تكون دالة على ما لا يصح ولم ينقل عن أحد من أهل العلم، وظنى أن ذلك من بدع الدجالين التى زينوها للبسطاء، ولذا لا تقع إلا في القرى المتأخرة وسيأتى النهى عن تعليق التمائم في الفصل الثانى عشر في خرافات العامة وأوهامهم إن شاء الله تعالى.

وممَّا اختلف فيه الدعاء للسلطان يعينه، وقد أفتى ابن عبد السلام بأنه بدعة غير محبوية (أما) ما يقع من المؤذنين عند ذكر السلطان بقولهم بصوت مرتفع: آمين آمين نصره الله وأدامه إلى آخره فهو بدعة سيئة بلا خلاف لما أخرج سعيد بن منصور عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: "لا تقل: سبحان الله والإمام يخطب يوم الجمعة"، وأخرج عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارًا، والذى يقول له: أنصت ليست له جمعة"، ولما فيه من التهويش على المستمعين، وكثيرًا ما يتكلف في ذلك حسن الألحان فتنصرف الآذان عن سماع الخطبة.

(وأما) ما يقع من بعض العامة حين نزول الخطيب من على المنبر من التمسح بكتفه وظهره فمما لا أصل له، وكذلك البيارق التى تنصب على جانبى المنبر والستارة التى تسبل على بابه وبعض الخطباء يستتر بهذه البيارق؛ لأنَّه لسوء حفظه يقرأ الخطبة في الورق وبذلك يضيع تأثير الخطبة في نفوس السامعين.

(ومن البدع) قراءة سورة الكهف يوم الجمعة بصوت مرتفع وترجيع كترجيع الغناء، والناس ما بين راكع وساجد وذاكر وقارئ ومتفكر، وناهيك ما يكون من

العوام من رفع أصواتهم استحسانًا لألحان القارئ من غير مبالاة بحرمة المكان والقرآن، وهذا كله مذموم لا يحل لوجوه:

(الأول): أن فيه تهويشًا على المتعبدين وهو حرام بالإجماع عن أبى سعيد الخدرى قال: اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد

<<  <   >  >>