فهذا العلامة ابن حجر حكم على من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الأذان أو قال: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده بأنه شرع في دين الله تعالى وأنّه يمنع من ذلك ويزجر وما ذاك إلَّا لقبح ما فعل، وأن الوقوف عند ما ورد به الشرع أولى، وواجب المرشد في مثل هذه البدعة الإضافية أن يكون حكيمًا، فينبه الناس إليها بالرفق واللين كى لا يكون مثيرًا للفتن، (وبهذا) ظهر لك أمر ما يقر من كثير من المؤذنين عقب أذان الفجر من قولهم ورضى الله تبارك وتعالى عنك يا شيخ العرب ونحو ذلك من الألفاظ (بأعلى صوت) وأنها بدعة مذمومة لم تعرف من طريق مشروع. اللهم وفقنا جميعًا لما تحبه وترضاه، وقنا شر الابتداع.
ومن البدع المكروهة تحريمًا: التلحين في الأذان وهو التطريب: أي التغنى به بحيث يؤدى إلى تغيير كلمات الأذان وكيفياتها بالحركات والسكنات ونقص بعض حروفها أو زيادة فيها محافظة على توقيع الألحان، فهاذا لا يحل إجماعًا في الأذان، كما لا يحل في قراءة القرآن، ولا يحل أيضًا سماعه؛ لأن فيه تشبهًا بفعل الفسقة في حال فسقهم فإنهم يترنمون، وخروجًا عن المعروف شرعًا في الأذان والقرآن.
ومن البدع: أذان الجماعة المعروف بالأذان (السلطانى أو أذان الجوق) فإنه لا خلاف في أنه مذموم مكروه لما فيه من التلحين والتغنى إخراج كلمات الأذان عن أوضاعها العربية وكيفيتها الشرعية بصور قبيحة تقشعر منها الجلود الحية وتتألم لها الأرواح الطاهرة؛ وأول من أحدثه هشام بن عبد الملك وقد أمر حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول بإبطال هذا الأذان وكان في كل قصر من القصور الملكية يقوم أربعة من المؤذنين معًا وفى صوت واحد، لما لاحظ جلالته في أثناء حضوره لتأدية صلاة الجمعة في الجامع الأزهر أن مؤذنًا واحدًا هو الذى يقوم بالأذان
فسأل في ذلك حضرة صاحب الفضيلة مولانا الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغى فقال فضيلته: إن الأذان السلطانى لم يكن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر بإبطاله. كما أمر بعدم رفع الصوت والتصفيق في المسجد حال دخوله للصلاة أحترمًا للمساجد ونزولًا على حكم الشريعة الإسلامية.