الثانية مع ما فيه من اختراق الصفوف وتخطى الرقاب (ثم) من ينتظر منهم يزدحمون يتركون الأمكنة التى صلوا فيها لأجل استماع الخطبة، أو حرصًا على التمسح بالخطيب إذا نزل. والسنة بقاء الجميع في أماكنهم حتى يفرغ الإمام من الخطبة، ففى البخارى وغيره عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخرج يوم الفطر ويوم الأضحى فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم" وهو صريح في عدم الانصراف، وأن السنة لمن يريد سماع الخطبة في العيد أن يستمر في مكانه الذى صلى فيه، وروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال يوم عيد:"من شهد الصلاة معنا فلا يبرح حتى يشهد الخطبة" ذلك أن الخطبة من سنن العيد. وغير خاف أن انتقال هؤلاء عن أماكنهم يحدث تهويشًا ليس على الإمام وحده. (فعلى) الخطباء تحذير الناس من ذلك في الخطبة حتى يرجعوا عن هذه المخازى.
ومن البدع المخالفة للسنة أن يمسك الخطيب السيف الخشبى على المنبر، فإن النبي صلوات الله وسلامه عليه لم يكن يأخذ بيده سيفًا أوغيره وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس قبل أن يتخذ له المنبر ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف البتة وما يظنه بعض الناس أنه كان دائمًا يعتمد على السيف وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قد قام بالسيف فمن عدم الوقوف على هديه صلوات الله وسلامه عليه فإنه لم يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف أو قوس أو غيرهما، والدين إنما قام بالوحى، وأما السيف فقد شرع دفاعًا عن الدين وأهله ولمحق أهل الضلال والشرك، ومدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم التى كان يخطب فيها إنما فتحت بالقرآن ولم تفتح بالسيف كما سيأتى في بدع الاعتقادات.
ومن البدع المذمومة الدكة التى يصعد عليها المؤذنون والمبلغون وقارئ سورة الكهف يوم الجمعة، وكذا الكرسى الذى يعد لذلك في معظم المساجد. (أما) الأذان فقد علمت أنه يمنع داخل المسجد فكيف تصنع له دكة فيه، (وأما) الكرسى فلا ضرورة تدعو إليه لوجهين:
(الأول): أنه يشغل من المسجد موضعًا كبيرًا وهو وقف على المصلين لصلاتهم.
(الثانى): أنهم يقرءون عليه السورة وقد علمت الحال فيها، وأول من