للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى أو اسم نبى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ترفيعه إزالة الورقة من موضع المهنة إلى موضع ترفع فيه لا بتقبيلها، وكذلك الولى تعظيمه أتباعه لا تقبيل يده وقدمه ولا التمسح به، فكذلك ما نحن بسبيله تعظيمه باتباعه لا بالابتداع عنده. اهـ.

ونقول: أما ما ذكره من كراهة القيام للمصحف وتقبيله فموضع خلاف بين الشافعية، (وأما ما ذكره) من كراهة تعظيم الولى بتقبيل يده والتمسح به ففى مسألة التقبيل خلاف، كرهها مالك رحمه الله وآخرون، وقال سليمان بن حرب: قبلة اليد هى السجدة الصغرى، وعن ابن عبد البر يقال: تقبيل اليد إحدى السجدتين، وقبض هشام بن عبد الملك يده من رجل أراد أن يقبلها وقال: مه، فإنه لم يفعل هذا من العرب إلا هَلوع (١) ومن العجم إلا خَضوع.

ورخص فيه أكثر العلماء كأحمد والشافعى رحمهما الله تعالى إذا كان للدين لا للدنيا، فلا يكره تقبيل اليد لزهد وعلم وكبر سن، بل يستحب، قال الشعبى: "صلى زيد بن ثابت على جنازة فقربت إليه بغلته ليركبها فجاء ابن عباس فأخذ بركابه، فقال زيد: خل عنه يابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء والكبراء، فقبل زيد بن ثابت يده وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا - صلى الله عليه وسلم - أخرجه الطبرانى والبيهقى والحاكم وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم، والمراد بالكبراء: ذوو الأسنان والشيوخ، ويكره لدنياه وثروته وشوكته ووجاهته كراهة شديدة، كذا في الأنوار.

(نعم) اتفق العلماء على كراهة مد اليد للناس ابتداء ليقبلوها فهذا ينهى عنه بلا نزاع كائنًا من كان، إنما النزاع فيما إذا كان المقبل هو المبتدئ بذلك، وفى المسألة كلام طويل بين المشايخ مذكور في كتب الفروع وشراح الحديث وفيما ذكرنا كفاية.

وأما مسألة التمسح بنحو الأولياء أنفسهم أو بشيء من آثارهم فقد وافقه على المنع من ذلك وأنَّه بدعة: المحقق الشاطبى في "الاعتصام" حيث قال: ومن


(١) أي شديد الجزع جبان وبابه طرب.

<<  <   >  >>