من ينتسب إلى العلم أكانوا من أهل النظر في هذه الأمور أم لا، ولم يفقهوا أنهم بموافقتهم للآباء وهؤلاء الأدعياء مخالفون لكتاب الله وسنة رسول - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح من بعده، فالمتعرض لمثل هذا الأمر ينحو نحو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في العمل حيث قال: ألا وإنى أعالج أمرًا لايعين عليه إلا أنه قد فنى عليه الكبير وكبر عليه الصغير وفصح عليه الأعجمى وهاجر عليه الأعرابى حتى حسبوه دينًا لا يرون الحق غيره" وكذلك ما عليه الناس اليوم.
غير أنه أمر لا سبيل إلى إهماله، ولا يسع أحدًا من ذوى الغيرة على الدين إلا الأخذ بالحزم والعزم في بيان الشريعة للناس ونصر السنة ومناهضة البدعة وإن كره المخالف، فكراهيته لا حجة فيها على الحق، وإن لله تعالى عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليًّا يذب عنها وينطق بعلامتها، فعن الحسن أنه قال: لن يزال لله نصحاء في الأرض من عباده يعرضون أعمال العباد على كتاب الله فإذا وافقوه حمدوا الله وإذا خالفوه عرفوا بكتاب الله ضلالة من ضل وهدى من اهتدى فأولئك خلفاء الله.
فاغتنم أيها الموفق هذه المنقبة وكن من أهلها، فإن النبي صلوات الله وسلامه
عليه أوصى معاذًا حين بعثه إلى اليمن فقال: "لأن يهدى الله بك رجلًا واحدًا خير لك من كذا وكذا" وأعظم القول فيه. رواه غير واحد من طرق صحيحة.
وعن سهل بن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي رضي الله عنه: "فوالله لأن يهدى اللَّه بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم" متفق عليه.
فسارع إلى الخير وادع إلى الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - واعمل على بصيرة ونية حسنة بالرفق واللين، عسى أن يرد الله بك المبتدع الضال والزائغ المفتون ويهدى بك الجاهل الحائر، فتكون وارثًا نبويًّا وخلفًا من نبيك صلوات الله وسلامه عليه.
وصفوة القول أن ما تقدم من الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة والآثار الحكيمة يدعو إلى اتباع الكتاب والسنة فإنهما الإمامان اللذان أمرنا بالاقتداء بهما والداعيان إلى سبيل الله، فاشدد يديك عليهما ولا تنظر