للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اقتدى بها فهو مهتد ومن استنصر بها فهو منصور ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولَّاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا" وهذا من كلامه الذى عنى به وبحفظه العلماء وكان يعجب مالكًا جدًّا ولَحَقٌّ ما كان يعجبهم، فإنه كلام مختصر جمع أصولًا حسنة من السنة؛ لأن قوله: "ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها" قطع لمادة الابتداع جملة، وقوله: "من عمل بها فهو مهتد … إلخ" الكلام مدح لمتبع السنة وذم من خالفها بالدليل الدال على ذلك وهو قول الله سبحانه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى … } (١) الآية، ومنها ما سنه ولاة الأمر من بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو سنة لا بدعة فيه ألبتة، وإن لم يعلم في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم نص عليه على الخصوص فقد جاء ما يدل عليه في الجملة، وقال على رضي الله عنه: لم أكن أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقول أحد من الناس وقال: إنى لست بنبى ولا يوحى إلىّ ولكنى أعمل بكتاب الله تعالى وسنة نبيه ما استطعت. وقال أبو بكر

الصديق رضي الله عنه: لست تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعمل به إلَّا عملت به. إنى أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ. اهـ باختصار.

والموفق السعيد من انتظم في سلك منَ أحيا سنة وأمات بدعة فكن (يا أخى) إياه؛ فقد كثرت البدع وعم ضررها واستطار شررها ودام الانكباب على العمل بها مع السكوت عن الإنكار لها حتى صارت كأنها سنن مقررات وشرائع من صاحب الشرع محررات. فاختلط المشروع بغيره وعاد المتمسك بمحض السنة كالخارج عنها كما سبق. فتأكد وجوب الإنكار على من عنده فيها علم ولا يهولنه أن المتعرض لهذا الأمر اليوم فاقد المساعد عديم المعين: فالموالى له يخلد به إلى الأرض. ويمد له يد العجز عن نصرة الحق بعد رسوخ البدع في النفوس، والمعادى يصوب إليه سهام الطعن ويرميه بمقذوفات الأذى لأنَّه يحارب عاداته الراسخة فما القلوب ويقبح بدعه المألوفة في الأعمال دينًا يتعبد به، ومذهبًا خامسًا يدين الله عليه لا حجة له عليها سوى عمل الآباء والأجداد، مع بعض


(١) [سورة النساء: الآية ١١٥].

<<  <   >  >>