على سد الذرائع والحيل، وإذا كان في الورثة قاصر حرم تناول الطعام والقهوة بالإجماع.
وعلى الجملة: فما يعمله الناس اليوم من اتخاذ الأطعمة للمعزين والنفقات التى تنفق في ليالى المأتم، وما يتبعها مثل ليالى الجمع والأربعين كله من البدع المذمومة المخالفة لما كان عليه رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه والسلف الصالح من بعده، وكثيرًا ما تكون سببًا في الفقر المدقع، فإن أهل الميت يتكلفون صنع الأطعمة الفاخرة التى لم يعتادوا أكلها، ولو أدى ذلك إلى الاستدانة، أو ضياع مال القاصر، وأعجب من هذا كله أنهم يعملون ذلك زاعمين أن ذلك صدقة يصل ثوابها إلى الميت، مع أنك لا تجد هذه الأطعمة غالبًا إلا في بطون الأغنياء. أما الفقراء والمحتاجون فيلحفون في الطلب، ويلحون في المسألة فيكون نصيبهم الحرمان، وإن أعطوا شيئًا فمن الفضل والبقية، وكذلك عمل الصمدية أو الجلالة،
لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة، وقد سبق هذا في أمثلة البدعة الإضافية مفصلًا في صفحة (٦٠) ويدل إضاعة المال في عمل هذه البدع التى لا يقرها شر ولا يقبلها عقل يجب على الورثة أن يعنوا بقضاء دين الميت الذى في ذمته للناس فهم مسئولون بعده عن ديونه في الدنيا ويوم القيامة وقد شدد الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه في الاستدانة وعدم قضاء الديون قبل الموت ونفر منها أبلغ تنفير، فعن سلمة بن الأكوع -رضى اللّه عنه- قال: كنا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أتى بجنازة فقالوا: صل عليها، فقال:"هل عليه دين؟ " قالوا: لا. قال:"فهل ترك شيئًا؟ " قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أتى بجنازة أخرى فقالوا: يا رسول اللّه صل عليها، قال:"هل عليه دين؟ " قيل: نعم. قال:"فهل ترك شيئًا؟ " قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها. لعله صلوات اللّه وسلامه عليه علم أنها تفى بدينه. ثم أتى بالثالثة فقالوا: صل عليها. قال:"هل ترك شيئًا؟ " قالوا: لا. قال:"فهل عليه دين؟ " قالوا: ثلاثة دنانير. قال:"صلوا على صاحبكم". قال أبو قتادة: صل عليه يا رسول اللّه وَعَلَىَّ دَيْنه. فصلى عليه رواه البخارى ومسلم، وهذا تحذير بالغ.