أو أقل، وفى غير المسجد يرخص للرجال والترك أولى ومعلوم أن الكراهة إذا أطلقت عندهم كانت تحريمية.
قال في "فتح القدير": ويجوز الجلوس للمصيبة ثلاثة أيام وهو خلاف الأولى ويكره في المسجد، وتستحب التعزية للرجال والنساء اللاتى لا يفتن لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من عزى أخاه بمصيبة كساه اللَّه من حلل الكرامة يوم القيامة" رواه ابن ماجه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من عزى مصابًا فله مثل أجره" رواه أيضًا ابن ماجه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"من عزى ثكلى كسى بردين في الجنة". ويكره اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت لأنَّه شرع في السرور لا في الشرور وهى بدعة مستقبحة.
وفى "زاد المعاد" ما نصه: وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم - تعزية أهل الميت ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء لا عند القبر ولا غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة، وكان من هديه السكون والرضا لقضاء اللّه والحمد لله والاسترجاع، وكان من هديه أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس، بل أمر أن يصنع الناس لهم طعامًا يرسلونه إليهم وهذا من أعضم مكارم الأخلاق.
وقالت السادة الحنبلية: ويسن أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث إليهم ثلاث ليال لحديث: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم" رواه أبو داود الترمذى وحسنه؛ لأنَّه بر ومعروف ينبغى أن يلح عليهم في الأكل لأن الحزن يمنعهم من ذلك فيضعفون، ولا يصلح الطعام لمن يجتمع عند أهل الميت، بل يكره لأنَّه إعانة على مكروه وهو الاجتماع عندهم. قال الإمام أحمد: هو من فعل الجاهلية وأنكره شديدًا. وللإمام أحمد وغيره وإسناده ثقات عن جرير بن عبد اللّه قال:"كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام بعد دفنه من النياحة". وكذا يكره فعل أهل الميت ذلك الطعام للناس يجتمعون عندهم لما مر، وكره جلوس التعزية بأن يجلس المصاب بمكان ليعزى أو يجلس المعزى عند المصاب بعدها؛ لأنَّه استدامة للحزن. انتهى ملخصًا من "المنتهى" وشرحه.
ومذهب الإمام مالك -رضي الله عنه أشد احتياطًا من غيره إذ هو مبنى