للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فشرب الدخان في مجلسه أولى بالنهى لما فيه من الرائحة الكريهة وإن كان شاربوه لا يدركون ذلك للألف والعادة، كالذين تعودوا معالجة المواد البرازية لا يتألمون من رائحتها، وإذا كان العقلاء يرون من الآداب أن لا يشرب الدخان بحضرة ملوك الدنيا وأمرائها أفلا يرون ذلك مخلًّا بالآداب في وقت مناجاة ملك الملوك بقراءة القرآن!؟ وكم من شيء لا يمنع بغير حضرة الملوك ولكن يمنع بحضرتهم. فعلى فرض أن شرب الدخان مكروه في غير مجلس القرآن فهو في مجلس القرآن لإخلاله بالأدب في حضرة كلام ذى العظمة والجبروت محرم، ألا ترى أن كثيرًا من الأشياء مباح خارج الصلاة لكنه يحرم في أثنائها وإن لم يبطلها وما ذاك إلا لإخلاله بآداب الوقوف بين يدى الله تعالى. انتهى.

ولنضرب لذلك مثلًا يوضحه لك ويزيدك إيمانًا به: لو أن ملكًا أصدر قانونًا يتضمن شيئًا من مصالح الرعية كنظام الضرائب، ومناوبات الرى، وحفر الأنهار، وأمر عماله في الأقاليم أن يجمعوا العمد والمشايخ وأرباب المصالح في البلاد ويقرءوا عليهم هذا القانون ويشددوا عليهما في تنفيذه واحترامه، فاجتمعوا وقام فيهم عمال الملك يتلون عليهم هذا القانون كما أمروا، ففى أثناء تلاوته رأى أحد العمال رجلين يتكلمان أو أحدًا يشرب الدخان في مجلس الاجتماع ماذا يكون الحال؟ أليس يغضب التالى للقانون من ذلك إن لم يعاقب بالطرد، لما في ذلك من انتهاك حرمة القانون وتاليه.

فإذا كان هذا في قانون الملك المخلوق، فما بالك بقانون ملك الملوك الخالق القادر رب الأرباب ومالك العباد، وفيه من ضروب الصالح والفوائد ما يضمن لمن اهتدى بهديه سعادة الدنيا والآخرة.

(ومنها): تطلب الرياء والسمعة بما ينفق في سبيل المولد فترى الأغنياء يتنافسون في الليالى التى يحيونها بأسمائهم وكل يجتهد في أن تكون ليلته أحسن الليالى (ليقال).

(ومنها): إقامة حلقات للذكر المحرف في المساجد أيام المولد مع ارتفاع أصوات المنشدين مع التصفيق الحاد من رئيس الذاكرين (بل الراقصين)، وقد يضربون على

البازة أو السلامية أثناء الذكر، وفى المسجد،

<<  <   >  >>