للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكم إلى اتخاذه عيدًا كما اتخذ المشركون من أهل الكتاب قبور أنبيائهم وصالحيهم عيدًا من أعيادهم التى كانوا عليها قبل الإسلام، وقد كان لهم أعياد زمانية ومكانية أبطلها الله تعالى بالإسلام وعوض عن أعيادهم الزمانية محمد الفطر والنحر وأيام منى، وعن المكانية الكعبة البيت الحرام وعرفات ومنى والمشاعر كما سبق ذلك في بدع المقابر والأضرحة.

قال ابن حجر في فتاويه: الموالد والأذكار التى تفعل عندنا أكثرها مشتمل على

خير كصدقة وذكر وصلاة وسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومدحه، وعلى شر بل شرور، ولو لم يكن فيها إلا رؤية النساء للرجال الأجانب لكفى، وبعضها ليس فيه شر لكنه قليل نادر، ولاشك أن القسم الأول ممنوع للقاعدة المشهورة المقررة: (إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) فمن علم وقوع شيء من الشر فيما يفعله من ذلك فهو عاص آثم، وبفرض أنه لو عمل في ذلك خير فربما خيره لا يساوى شره. ألا ترى أن الشارع - صلى الله عليه وسلم - اكتفى من الخير بما تيسر وفطم عن جميع أنواع الشر حيث قال: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" فتأمله تعلم ما قررته من أن الشر وإن قل لا يرخص في شيء منه، والخير يكتفى منه بما تيسر.

(والقسم الثانى): سنة تشمله الأحاديث الواردة في الأذكار المخصوصة والعامة كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله تعالى فيمن عنده" رواه مسلم، وروى أيضًا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لقوم جلسوا يذكرون الله تعالى ويحمدونه على أن هداهم للإسلام: "أتانى جبريل عليه السلام فأخبرنى أن الله تعالى يباهى بكم الملائكة" اهـ.

وبما ذكرنا يتبين لك أن الاختلاف بين الفريقين في حسن الموالد وقبحها ليس اختلافًا حقيقيًّا في موضوع واحد وإنما هو اختلاف اسمى تابع لاختلاف موضوع الحكم، فالقسم الذى يحكم عليه الفريق الأول بالذم لا يستحسنه الفريق الثانى، كما أن القسم الذى حكم فيه الفريق الثانى بالحسن لا يذمه الفريق الأول وبالله تعالى التوفيق.

* * *

<<  <   >  >>